أصبحت عبارة المرأة نصف المجتمع وتربي النصف الآخر، عبارة ممجوجة، سخيفة بلا معنى، تُرددها الألسن, في المناسبات، نسمعها في افتتاح جمعية نسائية، مبادرة نسوية، في اليوم العالمي لحقوق الإنسان وغيرها من المناسبات فقط.
عبارة يتشدق بها الجميع حتى يَظهروا بثوب المتحضرين المنفتحين، المؤمنين بحقوق المرأة وقدرتها على القيادة والإدارة مثلها مثل الرجل، وأنها شريكة في الإسهام بتنمية المجتمع سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، يشجعها الرجل ويدعمها، لكن إذا ما نافسته لشغل أي موقع نيابيا كان أم في أي موقع قيادي، مهما كانت تمتلك من علم وخبرة وكفاية، يكون الجواب: (ليش هو ما ظل في زُلُم !) ليتبين أن كل ما يقال ويتم الترويج له من أن المرأة نصف المجتمع، وشريكة فاعلة ما هي إلا شعارات لا توصل المرأة الأردنية إلى الموقع والمنصب الذي تستحق، برغم أنها متعلمة ومثقفة، ومنفتحة على المجتمع المحلي والدُّولي, فهي القاضية والمحامية والطبيبة والمعلمة، لكن مشاركتها في العمل السياسي إن كان في نقابة، أو مجلس نواب، أو أعيان، وبلديات، وهيئات دبلوماسية، أو في إشغال المناصب القيادية ما زال ضعيفا.
حدث أن دُعي المنتدى الثقافي الذي أشغل فيه منصب نائبة الرئيس إلى إحدى محافظات الجنوب من قِبل منتدى ثقافي، وضمن نشاطاتهم الثقافية لإقامة أمسية شعرية، وكنّا مجموعة من الإداريين والشعراء والأدباء (من النوعين) وبعد جولة في المحافظة وحسن استقبال وحفاوة وكرم ضيافة من شيم أهل الجنوب، وفي نهاية الأمسية وكما جرت العادة قمتُ بصفتي عضوة هيئة إدارية ونائبة رئيس المنتدى وزميلتي عضوة الهيئة الإدارية وأمينة السر – مع تعذر حضور رئيس المنتدى – بتبادل الدروع وشهادات التقدير مع المنتدى المُضيف، لنفاجأ بعد العودة بالاعتراض وعدم الرضا من بعض المشاركين من شعراء وأدباء ذكور بعبارة :(ليش هو ما ظل في زُلُم!) حتى تَستلم وتُسلم الدروع سيدات .
إذا كان هذا حال الكثير من المثقفين والأدباء على مسألة بسيطة كهذه، معتقدين أن من يعتلي المنصات ويتصدر المشهد يجب أن يكون رجلًا !! فكيف بعامة الناس ؟
في الانتخابات النيابية الأخيرة لم يحالف الحظ أية سيدة بمقعد نيابي من خلال المنافسة، فاز خمس عشرة سيدة على الكوتا، للذين يعترضون على وجود الكوتا، لو اعتمدت المرأة على علمها وخبراتها وكفايتها فكم سيكون عدد السيدات في المجلس ؟؟ أم سيكون الجواب :(ليش هو ماظل في زُلُم!).
هي ثقافة موجودة في المجتمع، فبرغم أن الدستور والقوانين والتشريعات الأردنية لم تميز بين الرجل والمرأة، لكن التطبيق والواقع المعيش ظلمها وحرمها من هذه الحقوق وأدى إلى ضعف مشاركتها في مواقع صنع القرار وإشغالها الوظائف العليا، حيث تُبين دراسة (2015) أن نسبة إشغال المرأة للمناصب القيادية فقط 7% في السلك الوزاري نحو 17.9%، السفراء 10.9%، مجالس النقابات المهنية 8% وقد تصل النسبة في المجالس البلدية إلى 27.8 %.
لن يتغير هذا الواقع إلا إذا كانت هناك إرادة عند الإدارة السياسية وعلى أعلى المستويات أن يكون هناك انحيازٌ إيجابي للمرأة لتفعيل وتعزيز دورها في كافة المجالات وعلى كل المستويات لتحقيق المساواة، والعدالة.
وجود زُلُم لا يمنع أبدا من وجود سيدات شريكات في تنمية وتقدم المجتمع ورفعة الوطن.
سيدات الأردن المميزات لنطلق عاصفة إلكترونية تصل إلى أصحاب القرار.