نظراً للظروف الاستثنائية الطارئة التي يمر به اردننا الغالي فقد تم تفعيل احكام قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992 ، وذلك لحماية الدولة بكافة عناصرها من شعب واقليم وسلطة سياسية من الخطر الداهم والذي يتمثل بجائحة كورونا المستجدة , وقد صدرت العديد من اوامر الدفاع استنادا لاحكام هذه القانون . ولكن يتسائل البعض عن مدى حق المواطن بالمطالبة بالتعويض عن اي ضرر يلحق به نتيجة اوامر الدفاع الصادرة في هذه الظروف الاستثنائية ؟
إن قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992هو قانون عادي صدرعن السلطة التشريعية كغيره من القوانين بالطرق الدستورية استنادا لاحكام المادة (124) من الدستور الأردني لسنة 1952 وتعديلاته التي تنص على انه (إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء. )، ولكن ما يميزه عن غيره من القوانين العادية هو الشروط الشكلية والموضوعية التي تستوجب انفاذه ، فشروط انفاذه تقتضي إصدار قرار من مجلس الوزراء ويقترن بإرادة ملكية سامية ، وان تكون هناك حالة طارئة ، بحيث يتم نفاذه في ظلّ تحقق الحالة الطارئة , ويتوقف العمل به بزوال الحالة الطارئة ، لذلك فهو قانون عادي يقترن نفاذه بتوافر حالة الطوارئ التي تقتضي الدفاع عن الوطن بكافة مقوماته ويعلن العمل به استنادا لاحكام المادة (2) من قانون الدفاع التي تنص على انه ( اذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ تهدد الامن الوطني او السلامة العامة في جميع انحاء المملكة او في منطقة منها بسبب وقوع حرب ، او قيام حالة تهدد بوقوعها ، او حدوث اضطرابات او فتنة داخلية مسلحة او كوارث عامة او انتشار آفة او وباء يعلن العمل بهذا القانون بارادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء) .
وباستقراء احكام قانون الدفاع النافذ حاليا نجد إن المحاكم تبقى قائمة في ظل نفاذه كما هو الحال في ظل الأحوال الاعتيادية ، كما نجد ان المشرع قد ارسى ضمانة هامة للمتضرر بنص المادة (9) من قانون الدفاع التي تنص على انه ( لكل من كلف باي عمل او اداء اي خدمة او تقديم اي مال ولكل من تم الاستيلاء على ماله او وضع اليد عليه او نقله او اتلافه ولكل من اتخذ بحقه اي اجراء بموجب هذا القانون او اي امر او تكليف صادر بمقتضاه الحق بالتعويض ولرئيس الوزراء ان يحدد مقدار التعويض وان يقرر تاديته عن اي مال او عمل او اجراء خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تقديم الطلب بالتعويض على ان يكون للمتضرر في حال عدم موافقته على القيمة المقررة للتعويض الحق باقامة الدعوى لدى المحكمة المختصة للمطالبة بالتعويض العادل المترتب له وفقاً لاحكام القوانين النافذة المفعول)
وبالتدقيق نجد ان المشرع قد اجاز المطالبة بالتعويض عن الضرر الخاص فقط بموجب المادة (9) من قانون الدفاع ، واشترط على المتضرر اللجوء اولا إلى رئيس الوزراء لطلب التعويض جراء تضرره من اوامر الدفاع وأعطى لرئيس الوزراء حق تحديد التعويض المناسب وان يدفع للمتضرر خلال ستين يوما من تاريخ تقديم المطالبة بالتعويض دون منع الفرد من اللجوء إلى القضاء المختص اذا وجد ان التعويض لم يكن عادلاً, و في الحالة التي يجد فيها المتضرر ان قيمة التعويض المقدرة عادلة فلا يجوز له اللجؤء للقضاء , اما اذا وجد انها غيرعادلة فله الحق باقامة الدعوى لدى المحكمة المختصة للمطالبة بالتعويض العادل المترتب له وفقا لاحكام القوانين النافذة المفعول ووفقا لقواعد المسؤولية في التعويض عن القرار إلاداري امام المحكمة الادارية باعتبار ان اوامر الدفاع هي قرارات ادارية , وانه لغايات التعويض الذي يقدره رئيس الوزراء ولغايات صدورالحكم بالتعويض من المحكمة المختصة للمتضرر فانه يشترط إن يكون الضرر خاصاً اصاب فردا معينا او مجموعة من الافراد معينين بالاضافة لتوافراركان المسؤولية بالتعويض , ومن هنا تكمن مسؤولية الإدارة بالتعويض لوجود الحق الشخصي الخاص للفرد الذي تم الاعتداء عليه و ترتب عليه ضررا خاصا اصابه , وان مناط مسؤولية الادارة عن اوامر الدفاع التي تلحق ضررا خاصا بشخص معين، تكون في حدود الحالات الواردة في المادة (9) من قانون الدفاع ، كالمصادرة والاستيلاء على الاموال او ضع اليد او اتلاف الاموال او نقلها وغيرها, اما اوامر الدفاع التي تلحق ضررا بعامة افراد المجتمع فان هذا الضرر يعتبرضررا وعبئا عاما يجب على كافة افراد المجتمع تحمله تحقيقا للصالح العام للمجتمع كحظر التجول ومنع العمل واغلاق المحال التجارية ومنع اصحاب المهن من ممارسة اعمالهم وان الضرر في هذه الحالة لا يستوجب التعويض المنصوص عليه في قانون الدفاع , لافتقاره الى شرط الضرر الخاص ، وعليه لا يمكن التعويض عن الاوامر والقرارات العامة قطعيا .
حمى الله الأردن وطنا وملكا وشعبا من كل مكروه وادام الامن والامان,,