لا تنضب معالي الأستاذ محمد كساب صالح الخريشا، قامة تربوية سامقة عانقت السحاب بعطائها وإنجازاتها، وغرست في النفوس أسمى مبادئ الأخلاق والأدب والاحترام والتقدير للإنسان، فانعكس ذلك أثرًا طيبًا راسخًا في المجتمع، وصورة ناصعة في وجدان كل من عرفه أو تتلمذ على يديه.
لقد زرع أبو أمجد في الوطن والمجتمع أجمل الزهور التي تشرق كل صباح بالأمل والعطاء والخير، فكان من غرسه المعلّم والطبيب والمهندس وسائر أصحاب المهن، جميعهم كالأشجار الدائمة الخضرة، تعانق سماء الوطن بالهمم العالية. زرع فيهم العلم مقرونًا بالقيم، وغرس في نفوسهم حب الوطن والاحترام والعمل منذ نعومة أظافرهم، فكبروا وكبرت معهم تلك المبادئ حتى ترعرعوا زهورًا في سماء الأردن.
منذ أيامهم الأولى على مقاعد الدراسة وحتى تفرّقهم في دروب الحياة، بقي أثره حاضرًا في قلوبهم. كانوا إذا رأوه وقفوا له إجلالًا ومحبة، لأنه كان صاحب اللبنة الأولى في مسيرتهم، يعامل كل طالب كأنه ابنه، بمعاني الأبوة والحنان، فيُدخل الفرح والأمل إلى القلوب قبل أن يفتح أبواب العلم للعقول.
كان أبو أمجد المربي والمعلم والأب والصديق، لا يميّز بين طالب وآخر، فالجميع عنده سواء، لأن رسالته كانت واضحة: بناء الإنسان أولًا، والنهوض بالأمم بالتعليم. وقد آمن بأن التربية قبل التعليم، وأن الأخلاق قبل الشهادات، فترك بصمات خالدة في أجيال متعاقبة داخل الأردن وخارجه.
ولم تقتصر بصماته التربوية على الوطن فحسب، بل تجاوزت الحدود إلى دول عربية شقيقة، وخاصة في المملكة العربية السعودية، حيث حافظ على النهج ذاته، والمبدأ نفسه، والإيمان العميق برسالة التعليم، فكان الأب والمعلم والأخ والصديق، وفرض احترامه على الجميع بنبل أخلاقه وصدق كلمته.
امتلك أبو أمجد قلوب الناس بمحبة صادقة خالية من أي مصلحة، وكان رجل كلمة حق ومصداقية، لا تجامل على حساب الآخرين. لم تغيّره المناصب، بل زادته تواضعًا ورفعة، فبقيت سيرته عطرة كالمسك، وحضوره باعثًا للطمأنينة والاحترام.
سيرته العلمية والوظيفية
أنهى الثانوية العامة عام 1969
دبلوم معهد معلمين وتأهيل تربوي
دبلوم إدارة مدرسية
بكالوريوس لغة عربية – جامعة اليرموك / كلية التأهيل
برنامج القيادة التعليمية (160 ساعة)
وتدرج في مواقع تربوية وإدارية عديدة، منها:
معلم في عدد من مدارس المملكة
مدير مدارس أساسية وثانوية
رئيس أقسام امتحانات في عدة مديريات
رئيس قسم اللوازم العامة وشؤون الموظفين
رئيس نادي المعلمين في المفرق.
رئيس لجان تربوية وتنموية وتعداد سكاني ومواشٍ
مساهم فاعل في العمل المجتمعي والإصلاحي
ورغم إحالته إلى التقاعد، لم يتوقف عطاؤه، بل واصل ليله بنهاره في الإصلاح بين الناس، ومدّ يد الخير للأسر المحتاجة، محتسبًا ذلك كله لوجه الله تعالى.
مهما كُتِب عن الأستاذ الفاضل محمد كساب صالح الخريشا (أبو أمجد)، تبقى الكلمات عاجزة عن إنصافه. نسأل الله أن يمدّ في عمره، ويمنحه الصحة والعافية، ويجزيه خير الجزاء على ما قدّم من خير وعطاء، وأن يبقى مثالًا يُحتذى في التربية والإنسانية وخدمة الوطن.
وشهادة حق تُقال: ما كُتب عنه ليس مجاملة، بل هو وصف لما عرفه به كل من التقاه، والله على ما نقول شهيد..