2025-12-23 - الثلاثاء
طقس العرب: تغيرات مرتقبة على الأنظمة الجوية تعيد الأمطار إلى الأردن نهاية العام nayrouz الصفدي والشيخ: مستقبل غزة يجب أن يستند على وحدته وارتباطه بالضفة الغربية nayrouz وفد متقاعدين الإعلام العسكري يهنئ العميد المتقاعد حسن أبو زيد بتخرج نجله محمد nayrouz الخضير بني صخر يجسّدون أسمى معاني التسامح والصفح بوفاة الشاب عامر سعود الناصر - صور nayrouz العالم الرقمي وأخلاقيات المهن nayrouz زيت الزيتون المستورد يدخل الأسواق خلال 10 أيام وبأسعار تبدأ من 5 دنانير للكيلوغرام nayrouz تسليم 10 مساكن للأسر عفيفة في البادية الشمالية الشرقية nayrouz الاتحاد الأردني يهنئ عطوفة رئيس الاتحاد إبراهيم العميان بمناسبة انتخابه نائبًا أول لرئيس اتحاد غرب آسيا لرفع الأثقال nayrouz اعتذار بالصوت والصورة.. فرصة ذهبية أمام فينيسيوس لحل أزماته داخل ريال مدريد nayrouz إنجاز مشرّف لرفع الأثقال الأردنية 🇯🇴 nayrouz قرار جديد من موناكو بشأن شراء أنسو فاتي في نهاية الموسم nayrouz السفير الأردني في قطر يطمئن على صحة اللاعب أدهم القريشي nayrouz يوم طبي مجاني في بلدية الرصيفة غدا nayrouz منع التصوير الإعلامي أثناء امتحانات التوجيهي دون تصريح nayrouz سماوي يلتقي سفيرة دولة أستراليا في الأردن nayrouz اجتماع حكومي في وزارة الاستثمار لتطوير الخدمة الاستثمارية الشاملة nayrouz مرزوق أمين الخوالدة يرثي خالته nayrouz النابلسي يرعى اختتام برنامج تدريبي حول أساسيات تنمية الطفولة المبكرة في سلطة nayrouz العميد الجوارنة يكرم عبدالسلام الزوايدة تقديرًا لأمانته nayrouz حادث سير يُصيب شقيقة ميسي بجروح خطيرة ويؤجل زفافها nayrouz
وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 23-12-2025 nayrouz الخريشا تشكر الملك وولي العهد على تعازيهم بوفاة المهندس راشد بدر الخريشا nayrouz شكر على تعاز nayrouz وفاة الحاجة عطفة محمد البشير الغزاوي (( ام ايمن )) nayrouz تعزية لرئيس لجنة بلدية حوض الديسة بالإنابة بوفاة عمه هارون الزوايدة nayrouz لفتة وفاء وأخوة.. متقاعدو الإعلام العسكري يعزّون بوفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 22-12-2025 nayrouz الحاج سليمان حسين النعيمات في ذمة الله nayrouz في وداع قامة وطنية… الشيخ سيف الدين عبيدات سيرة عطاء لا تغيب nayrouz بني صخر تشيّع جثمان الشيخ محمد نايف حديثة الخريشا (أبو زيد) في لواء الموقر...فيديو nayrouz وفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz الحاج عوده الله السمارت في ذمة الله nayrouz في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الحاج يوسف شحادة nayrouz وفاة الشيخ محمد نايف حديثه الخريشا nayrouz وفيات الأردن اليوم الأحد 21-12-2025 nayrouz رحيل الشاب الفاضل راشد بدر عودة الخريشا: فقدنا مثالًا للأخلاق والنشاط والحيوية nayrouz محمد رداد المعزي الجبور" ابو ثامر" في ذمة الله nayrouz وفاة الشاب راشد بدر عوده الخريشا nayrouz وفيات الأردن اليوم السبت 20-12-2025 nayrouz وداع يليق بمكانته… العبيدات يشيّعون أحد أعمدتهم الاجتماعية " الشيخ سيف الدين عبيدات nayrouz

الانتهازيون الجدد… حين تزدهر الجيوب ويجوع الوطن

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

د. محمد العزة

السكوتُ في وقت حاجة الوطن إلى الكلام دفاعاً عن مصالحه أولاً، وعن ملفاته في شتى الشؤون، هو خطيئةٌ وجريمة تُرتكب بحقه. وقبل الولوج إلى قلب المقال، لا بدّ من إلقاء الضوء على بعض المصطلحات ذات الصلة بعنوانه، لما لها من أثرٍ مباشر في فهم السياق وتشخيص الداء.

الانتهازية والوصولية مصطلحان متقاربان يصفان سلوك أفرادٍ أو طبقاتٍ تسعى إلى تحقيق مصالحها الشخصية بأي وسيلة ممكنة، متجاوزةً المبادئ الأخلاقية، و متخذةً من الآخرين سلّماً للترقّي. فالانتهازية  تركّز على استغلال الفرص لتحقيق مكاسب نفعية آنية، بينما تُحيل الوصولية إلى التسلق الوظيفي والاجتماعي دون كفاءةٍ كافية. وكلاهما يتّسم بالأنانية، والتملّق، وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.

الانتهازية (Opportunism): الاستفادة الأنانية من الظروف دون اكتراث بالمبادئ الأخلاقية أو بعواقب الأفعال على الآخرين.

الوصولية (Arrivisme): سلوكٌ اجتماعي يهدف إلى الترقي الاجتماعي أو المهني بأي ثمن، وغالباً مع قلة الكفاءة.

غالباً ما يتداخل المفهومان؛ فالوصوليّ انتهازيٌّ في سعيه إلى المناصب، والانتهازي قد يكون وصولياً حين يتخذ الترقي غايةً نهائية. وحين يتولّى الانتهازيون مواقع المسؤولية، تكون النتيجة الحتمية الإضرار بالمصلحة العامة والوطنية.

نجتهد جميعاً لبلوغ مستوى الارقى و الاقوى للوطن والدولة اللذين نتمناهما واقعا ملموساً ، لا أحلاما منظوره ، وهذا واجبٌ وطنيٌّ يقتضي منع مظاهر تراجع  الأداء في مجال لاي قطاع   ، وتشجيع التطوير و التقدّم بوصفهما الطريق الوحيد للحفاظ على مسيرة الدولة وصون منجزاتها، وتحقيق مزيدٍ من المكتسبات التي تُحسّن مستوى المعيشة، وتعزّز قيم الانتماء وحافز العمل بصدقٍ وإخلاص، فتغدو المواطنة في أبهى صورها.

إن ضعف الإدارة (الناجم عن هشاشة الفرق الحكومية التي أدارت دفة السلطة في فتراتٍ سابقة) وما نشهده اليوم من تراكمٍ في المديونية، وتراجعٍ  تنويع مصادر الدخل، واعتمادٍ مفرط على الرسوم والضرائب، هو الدليل الأوضح على قلة حيلة طبقةٍ سياسيةٍ آثرت الحل الأسهل: تسيير الأعمال لا أكثر، حفاظاً على حد أدنى من الاستقرار يتناسب مع قدراتها، دون اجتهادٍ في حلولٍ داخل الصندوق أو خارجه تقود اقتصاد الدولة إلى الأمام، وتواكب أدوات الاقتصاد الإنتاجي العالمي الجديد—ولو في حدوده المقبولة.

لقد انحصر دور معظم حكومات الألفية الجديدة في إطار «حكومات تسيير أعمال»؛ تفتح الطرق بين الركام بلا رؤى أو استراتيجيات، ودون خطط وطنيةٍ مرتبطة بمددٍ زمنيةٍ تتعاقب الحكومات على تنفيذها. والمتاح اليوم ملفاتٌ متراكمة، ونزعةٌ نيوليبرالية—ورأسمالٌ رقمي—سبق أن حذر منه الراحل ناهض حتر.

وأكاد أجزم أن القلق الملكي لا يقتصر على جمود البيروقراط المحافظ، بل يمتدّ إلى نيوليبراليةٍ تحتكر الاقتصاد وتُسخره لمصالحها، ولو كان الثمن إنهاك مفاصل الدولة وإرهاق موازنتها. لهؤلاء نقول: الأردن أكبر منكم ومن خزائنكم، وسيظلّ غنيا بالشهامة والكرامة وحرية الرأي وتعدد وجهات النظر، حتى يثبت الخيار الأصح والتيار الأسلم لهذا الوطن.

في زمن «التحديث» ، تصدّر الهواةُ المشهد بخطاباتٍ حماسيةٍ بلا أساسٍ أو تأسيس، فظهر تيار الانتهازيين الجدد بأوجه متعددة وتحت أقنعةٍ شتى:

-جناح انتهازية الدين السياسي: يوقع صكوك الغفران، ويعلن وصاية تنظيم العلاقة بين العبد وربه، بينما المخفي إذا ما لانت عصا العبادة ، ضرباً في بحر السياسة لشقّ الطريق نحو كراسي السلطة.

-جناح انتهازية الوطنية و الهوية و القضية الفلسطينية: هؤلاء  أدعياء الحميّة الشكلية وأصحاب الانفعالات اللحظية؛ أقوالهم شعاراتٌ تطغى على أفعالهم. تحسبهم كتلة صلبة، فإذا أدهمت الأزمات وتلبى نداء التضحية تبيّن أنهم ألفُ شظية: دعاة مناطقية، وحزبية أيديولوجية، وعشائرية أو نواة لخطاب كراهية ؛ أدواتُ تفرقةٍ وتشظية، فريسة سهلة لابواق اعلام استخبارية تغيب العقل و الوعي.
أولياءُ تنظيمات أو تبعية تقتات على الشعبوية و التبرعات ، أو توجيهاتٍ منظمات مدنية أو سياسيةٍ لسفاراتٍ خارجية. إذا حضر المال غاب الوطن ، ذلك شر البلية .

-جناح انتهازية المال الرأسمالية الليبرالية : يختصر الوطن في زيادة الأرصدة البنكية وترتيب العضوية في نادي الطبقة الغنية؛ و يختزله في أغنية وطنية لا تغيب عن محافلهم ، تزلفا ومجاملة وتقرباً من مفاتيح صنع القرار، ومن يملك صلاحية إحالة العطاءات .
هؤلاء عشّاق قاعات المؤتمرات والندوات ولقاءات البودكاست والمسيرات الجماهيرية؛ الإخوة المناضلون ، أسرى بضع كلمات مكررة صفحاتٍ من فوق ورقٍ تسرد بطولاتٍ وهمية، وتزيّف حقائق تاريخية، وتطالب بالتمكين والحريات والشباب و محاربة الفساد ، لكنها لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ولا تُجيب عن سؤال واحدٍ يقنع الشارع. تحسبهم هالةً كسحابة عابرة غير ماطرة  تبدّدها الرياح.

سماؤنا آخر النهار تخاطب أصلاب رجالنا: أبناء الطين اللازب؛ هناك حرس الحدود، الأمن، المعلمين و أولياء الأمور، أساتذة الجامعات و الطلبة ، الكوادر الطبية، عمّال المياومة الكادحين ، موظفي الرتب الدنيا في سلّم الوظيفة الحكومية. تقول: سأمطر يوماً، وأُزهر ورداً، وأنبت زيتوناً وعنباً، وأعصر زيتاً وخمراً ربيعاً يانعاً أخضر، و أروي حقلاً لأحصد سنابل صيفه قمحاً  ، يعشقون الورد، لكنهم يعشقون الأرض أكثر.

ولا أحسد حكومة جعفر حسان على صعوبة المرحلة وتعقيد ملفاتها المتراكمة:
 بطء الحركة التجارية والاستثمار، البطالة، الفقر، جودة التعليم والصحة، القوة الشرائية، ضعف الرواتب، وتراجع أداء القطاع الخاص. غير أن لهذه الحكومة فرصةً حقيقيةً لدخول الذاكرة الشعبية إن حقّقت تقدّماً بنسبة 10–20% في فكفكة هذه العقد؛ إذ سينعكس ذلك مباشرةً على معيشة المواطن ودوران عجلة الاقتصاد.

اليوم، الملف الاقتصادي هو محرّك السياسة وعنوانها الأبرز. وينسب إلى الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، قول بليغ وإن اختلفت صياغاته بمعنى: «أسوأ الناس من ازدهرت أحوالهم يوم جاعت أوطانهم». وهو معنى أخلاقي صادق يدين الأنانية، ويؤكد أن ازدهار الفرد لا يكون على حساب خراب الوطن، وأن المصلحة الخاصة لا تنفصل عن المصلحة العامة والمشروع الوطني الأردني.

ويقول إريك هوفر، عالم النفس وفيلسوف الأخلاق والاجتماع الأمريكي: «الفكر الذي يأمر الناس بالصبر على الظلم دون رفضه، والقناعة بالفقر دون مكافحته، والرضى بالواقع دون محاولة تغييره، هو أفيون الشعوب».

بهذا المعنى، لا يكون الصمتُ فضيلةً، ولا الحيادُ حكمةً، حين تتحوّل الانتهازية إلى نمط تفكير وسلوك عام، والوصولية إلى طريقٍ مختصر للنفوذ والثراء. فالأوطان لا تجوع صدفة ، بل حين تزدهر جيوبُ قلة على حساب تعب الأكثرية، وحين تُدار الدولة بعقلية المنفعة لا بعقلية المشروع الوطني.

عند هذه اللحظة تحديداً، يصبح الكلام واجباً وطنيا ، شرفا رفيعا ، لا ترفاً سياسيا، و يغدو كشف الانتهازية فعلاً أخلاقياً، والدفاع عن الكفاءة ضرورة وجودية، لأن الوطن الذي يترك فريسة للانتهازيين لا ينهار دفعة واحدة، بل يستنزف ببطء، حتى يصحو أبناؤه على وطنٍ أقل عدلاً، وأضيق أملاً، وأثقل كلفة.