وُلد علي الفزاع عام 1954 في قرية زي بمحافظة البلقاء، بين سهول البلقاء الخضراء وذاكرة السلط العريقة. هناك، في بيئة ريفية أصيلة، تفتحت موهبته الأولى على وقع الحكايات الشعبية، والأغاني الفلكلورية، والمشاهد اليومية التي ستصبح لاحقًا نبرة شعره وصوته في الأثير.
أكمل دراسته الثانوية في مدرسة السلط الثانوية، ثم واصل رحلته الأكاديمية في الجامعة الأردنية، فحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها عام 1977، قبل أن يتعمق أكثر في النقد الأدبي ويحصل على الماجستير في الأدب والنقد عام 1982.
منذ سنوات الجامعة، كتب الشعر والمقالات النقدية، وشارك بنصوصه في الصحف اليومية والأسبوعية، فضلًا عن المجلات الأردنية والعربية، ما جعله جزءًا من المشهد الثقافي قبل أن ينخرط رسميًا في العمل الإعلامي.
بدأ الفزاع حياته العملية معلمًا في وزارة التربية والتعليم، حيث درّس لمدة أربع سنوات في المدارس التي تلقى فيها تعليمه الابتدائي، وكأنه يعيد دورة العطاء في المكان نفسه الذي صقل شخصيته.
عام 1981 كانت نقطة التحول الكبرى، حين التحق بـ الإذاعة الأردنية، فعمل معدًا ومقدمًا للبرامج لمدة عام، قبل أن يُعيَّن رئيسًا للقسم الثقافي، ثم مراقبًا للبرامج الثقافية والاجتماعية والدراما. في هذه المواقع أسس نهجًا برامجيًا يقوم على ربط الإذاعة بقضايا المجتمع، وإعطائها دورًا تثقيفيًا وتنمويًا حقيقيًا.
تميّز علي الفزاع بأسلوب تقديم إذاعي يجمع بين فصاحة اللغة ودفء الصوت وصدق الرسالة، فكان حضوره في البرامج ليس مجرد قراءة نصوص، بل صناعة حالة وجدانية وفكرية. ومن أبرز ما قدم:
"صوت الأرض": برنامج وطني تناول القرى والبوادي الأردنية، موثقًا حكايات الناس وموروثهم الشعبي.
"هموم الناس": نافذة أسبوعية تفتح الأثير أمام شكاوى المواطنين وقضاياهم، مع محاولة ربطها بالمسؤولين.
"الطريق إلى القمة": برنامج تنموي يسلط الضوء على قصص النجاح في المجتمع الأردني.
"مع الناس": برنامج حواري اجتماعي ناقش قضايا الساعة بمشاركة مسؤولين وخبراء.
"أوراق ثقافية": مساحة مخصصة للفنون والآداب والمسرح، عرّفت الجمهور على مبدعين من الأردن والوطن العربي.
"من البلقاء": سلسلة وثائقية عن تاريخ وتراث محافظة البلقاء.
هذه البرامج، سواء عبر الأثير أو الشاشة، جسدت إيمانه بأن الإعلام رسالة مجتمعية وثقافية قبل أن يكون وسيلة ترفيهية.
بعد مسيرته الإذاعية، انتُدب إلى وزارة الشباب مديرًا للشؤون الثقافية والتوجيه الوطني، ومستشارًا للوزير لمدة عام، ثم انتقل عام 1992 إلى الديوان الملكي الهاشمي حيث شغل عدة مواقع:
رئيس وحدة الإعلام العربي.
مساعد مدير مكتب الإعلام.
مدير مكتب الإعلام والعلاقات العامة.
وفي عام 1999، مستشار إعلامي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
نال جائزة الدولة في الآداب، وشغل عضوية الهيئة الإدارية لرابطة الكتّاب الأردنيين، والمجلس الأعلى للتوجيه الوطني، ومجلس إدارة اتحاد الإعلام الرياضي.
شارك في مهرجانات شعرية عربية وعالمية، وكان نائب رئيس لجنة الشعر في مهرجان جرش للثقافة والفنون لسنوات.
أصدر عددًا من الدواوين الشعرية التي عكست حسه الوطني والاجتماعي، ودراسات نقدية تناولت الأدب الأردني والعربي، وكتب مسرحيتين باللهجة الشعبية الأردنية، لتوثيق التراث بأسلوب فني معاصر.
رحل علي الفزاع عام 2023، تاركًا إرثًا إعلاميًا وثقافيًا وسياسيًا يليق برجل جمع بين بلاغة الشاعر، ورؤية الإعلامي، وحكمة المسؤول. بقي صوته وكتابه وشاشته شاهدًا على أن الإعلام الحقيقي هو الذي يحمل هموم الناس، ويمنحهم صوتًا في حضرة القرار.