في قلب مدينة الزرقاء الأردنية، نشأت شخصية تربوية فريدة أثرت في التعليم والعمل المجتمعي لأكثر من ثلاثة عقود. الدكتورة يسرى خازر فالح الخريشة، المولودة عام 1964، تمثل نموذجًا للمرأة الأردنية المثقفة، القائدة، والمبادرِة في شتى مجالات التنمية والتعليم.
بدأت مسيرتها المهنية في وزارة التربية والتعليم عام 1989، معلمةً للغة العربية، لتشق طريقها بخطى واثقة نحو مواقع قيادية، أبرزها مدير مدرسة، مساعد مدير، ثم مديرة لمدرسة ثانوية حتى عام 2019. لم تكتفِ الخريشة بالتدريس والإدارة، بل أظهرت شغفًا كبيرًا بالتطوير المجتمعي، من خلال التدريب وبناء المهارات، ما جعلها وجهًا مألوفًا في البرامج التنموية المختلفة محليًا ودوليًا.
تحمل الخريشة دكتوراه مهنية في الموارد البشرية، إلى جانب دبلوم عالي في المناهج وأساليب التدريس، وبكالوريوس في اللغة العربية.
وقد ساعدها هذا التكوين الأكاديمي المتين على أن تلعب أدوارًا متعددة في التدريب، الإشراف، والاستشارة التربوية. كما أنها شاركت في العشرات من الدورات والمؤتمرات، واهتمت بقضايا مجتمعية وإنسانية مثل: حماية الأسرة، حقوق الأطفال، تعزيز دور المرأة، والحد من عمالة الأطفال.
وفي عام 2022، أسست الخريشة مؤسسة "وياكم للتقريب والتنمية المستدامة"، وهي مؤسسة غير ربحية تُعنى بتفعيل دور الأفراد في تنمية مجتمعاتهم، ما يؤكد على إيمانها بأن التغيير الحقيقي يبدأ من الجذور.
اللافت في مسيرتها أنها جمعت بين العلم والعمل الميداني، بين القيادة والتمكين، فكانت مدربة معتمدة لدى مؤسسات كبرى مثل اليونيسف، USAID، IREX وغيرها، وقد ساهمت في مشاريع متعددة مثل دعم الأطفال مرضى السرطان، التمكين المجتمعي، بناء القيادة النسائية، وخلق ثقافة مدرسية إيجابية.
تُعد الخريشة نموذجًا يحتذى به في الالتزام بقضايا التعليم والإنسان، وتُبرز كيف يمكن للأكاديمي أن يتحول إلى فاعل حقيقي في صناعة التغيير، في وطن لا يزال في أمسّ الحاجة إلى هذا النوع من القيادات الملهمة.