في ليالي الصحراء المقمرة، كانت الريح تروي للنجوم سيرة فارسٍ خرج من ظاهريّة بني قيس، يشبه في حضوره الصقر حين يحاور السماء .....
هو الشيخ عبد الحافظ السبع القيسي، الذي إذا ارتحل حملت معه الأرض عبق نخوته، وإذا نزل غمر المكان بوقاره.
كانت مأدبا يومها مدينة تتنفس التاريخ وعبقه، وسهول جلول ترتوي من خيول الفرسان. وهناك، لمع اسم أبا صبحي، لا كمجرد شيخ، بل كروحٍ تُجسد معنى العزّ والكرامة...
وما زال مثلث ماعين يحفظ في صفحاته واقعة الشيخ عبد الحافظ، يوم نادته الحرة ثُريّا العزيزات تستنجد به من غدر قطاع الطرق، فلبّى النداء، وانتصب جبلًا من نخوةٍ وبأس، وأثبت أن الفروسية مواقف ..
لكن النخوة لا تنام، و"أخو ثُريّا" ما كان ليتأخر. امتطى جواده، وتبعه الفرسان، كأنهم عاصفة تزلزل الرمال.
وصل إليهم،
دار القتال، والليل يضيء بلمعان البارود و السيوف. جُرح الأعداء، وتكسرت صفوفهم، حتى فرّوا أمام عزيمة فارسٍ لا يلين.
ومنذ تلك الليلة، صار اسم عبد الحافظ السبع القيسي مقترنًا بالوفاء والبطولة .. حتى قالوا فيه .. ... ...
يا ثُريّا يوم نخيتي ابن سبعٍ ما توانى
جاك مثل البارق اللي يسبق سيوفه صهيل ...
جاك عبد الحافظ اللي بالوفا مضرب مثاله
سيف قيسٍ ما يهابه إلا المعارك والذليل ...
وهكذا يبقى اسم الشيخ عبد الحافظ السبع القيسي يتردّد مع كل نسمة تهب على سهول مآدبا ل جلول، ومع كل خيلٍ تعدو في براري مأدبا.
يبقى حاضرًا في ذاكرة القلوب، لا كفارسٍ وحيد، بل كرمزٍ لنخوة الرجال إذا نُودوا، وللعزّ إذا اختُبر.
فهو أخو ثُريّا، وراية قيس التي لا تنكسر، وصوت الصقر الذي كلّم السماء يوم شهدت الأرض على وفائه.
ومن بعده، ما زال الناس يقولون ؛؛:؛؛
"من أراد أن يعرف معنى الرجولة، فليقرأ سيرة ابن السبع… فهو حكايةٌ لا يطويها الزمان ...