البحر الميت- بعد طول انتظار، يتوقع أن يرى مشروع كورنيش البحر الميت النور قريبا، ليضيف إلى الأردن معلما سياحيا وترفيهيا جديدا بما يوفره من تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة وخدمات عصرية متكاملة.
فمنذ أن أعلن عن مشروع كورنيش البحر الميت أواخر العام 2013 وبدء أعمال التنفيذ العام 2016، والقطاع السياحي ما يزال يعلق آمالا كبيرة على المشروع لتطوير المنطقة والنهوض بها كوجهة سياحية عالمية، كون المشروع يهدف إلى تعزيز مكانة البحر الميت كوجهة عالمية للسياحة العلاجية والترفيهية وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية وخلق فرص عمل جديدة.
ورغم انتهاء الأعمال الإنشائية العام 2019، إلا أن المشروع كان يواجه تأخرا مستمرا في افتتاحه، خصوصا بعد تحويله العام 2020 إلى منطقة للحجر الصحي خلال جائحة "كورونا" التي تسببت بأضرار جسيمة بالبنية التحتية، مما أدى إلى تأجيل افتتاحه لإجراء أعمال الصيانة التي بوشر العمل بها مطلع العام الحالي.
ويرى مهتمون أن كورنيش البحر الميت ليس مجرد مشروع سياحي، بل هو جزء من رؤية شاملة للنهوض بالمنطقة وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار والسياحة، إذ إن المشروع صمم ليكون مجهزا كفرص استثمارية أمام رجال الأعمال والمستثمرين لإقامة الفنادق والمطاعم والشقق الفندقية والشاليهات، وغير ذلك من المنشآت السياحية.
ووفق رئيس غرفة تجارة الشونة الجنوبية عبدالله العدوان، فإن المشروع يشكل فرصة ثمينة للنهوض بالواقع السياحي والتنموي في منطقة البحر الميت، مضيفا أن الإصرار على استكمال أعمال المشروع وإعادة تأهيله يعكس الإيمان بأهميته كمتنفس حيوي ومحرك اقتصادي لمستقبل البحر الميت.
ويقول "لا شك أن التأخر المستمر في إطلاق كورنيش البحر الميت يمكن أن يؤثر سلبا على الاستثمار في المنطقة، ما قد يؤدي الى فقدان الكثير من الفرص الاستثمارية، وبالتالي حرمان أبناء المنطقة من آلاف فرص العمل"، مشيرا إلى أن غياب مثل هذا المنتج السياحي في منطقة البحر الميت سيتسبب بخسارة أعداد كبيرة من السياح، خصوصا في ظل تراجع السياحة الأجنبية نتيجة الأحداث الدائرة في الإقليم.
وينوه أمين سر جمعية أصدقاء البحر الميت يزن الحن، إلى أن البحر الميت يمتلك مقومات فريدة تجعله وجهة سياحية عالمية، ومشروع الكورنيش يعد أحد المشاريع الريادية التي ستشكل إضافة نوعية في مجال السياحة والترفيه والاستثمار، وتحقق نقلة نوعية في الخدمة المقدمة للزوار والمتنزهين، إلى جانب تحفيز القطاع السياحي وتوفير فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة، مشددا على أهمية الإسراع في تأهيل المشروع ليتسنى افتتاحه أمام الحركة السياحية والمستثمرين الذين ينتظرون بفارغ الصبر.
وعلى الرغم من التأخر، ما تزال الآمال معلقة على أن مشروع كورنيش البحر الميت سيصبح عند اكتماله ركيزة أساسية لتطوير وتنمية المنطقة، إذ إن المشروع سيتيح المجال للعديد من الاستثمارات النوعية والصغيرة والمتوسطة التي سيكون لها دور مهم في إيجاد تنوع في الخدمات والأنشطة السياحية.
وأوضح رئيس لجنة بلدية سويمة يعقوب العدوان "أن الكورنيش يعد أهم متنفس للأردنيين في منطقة البحر الميت، في ظل غياب الشواطئ العامة المخدومة"، مشيرا إلى أن المشروع يوفر خدمات بنى تحتية متكاملة تشمل الطرق والممرات والساحات والأرصفة ومواقف السيارات والشاطئ العام والمدرج لإقامة المهرجانات والاحتفالات، وهو أمر لا يتوافر حاليا في منطقة البحر الميت.
وبين أن مشروع الكورنيش يعد أحد أهم المشاريع السياحية التي نفذت للنهوض بالمنطقة،
إلا أن استغلال المشروع خلال الجائحة كمنطقة للعزل الصحي قد فوت فرصة ثمينة للنهوض بالقطاع السياحي والاقتصادي في المنطقة، مشيرا إلى أن من المتوقع أن يفتح مشروع الكورنيش الباب أمام استثمارات في قطاعات، مثل المقاهي، المطاعم، خدمات الضيافة، أماكن الترفيه، وعربات الطعام المتنقلة، بالإضافة إلى بعض المحلات التجارية وغيرها من الفرص التي ستسهم في خلق آلاف فرص العمل وتنشيط الحركة الاقتصادية في المنطقة، مشددا على ضرورة الإسراع في تأهيله وافتتاحه لما له من انعكاسات إيجابية على القطاع السياحي والتنموي في منطقة البحر الميت.
ووفقا لمراقبين، فإن المشروع الذي يعد جزءا مهما من المخطط الشمولي للبحر الميت مر بمرحلتين أساسيتين؛ الأولى بدأت في العام 2012 وشملت أعمال تسوية الأراضي والأعمال التمهيدية للبنية التحتية وإنشاء ممشى بحري بطول 2.1 كيلومتر. أما المرحلة الثانية، فبدأت في العام 2015 واستمرت حتى نهاية العام 2019، وشملت إنشاء البنية التحتية والفوقية وتوفير الخدمات العامة، مثل الشوارع، محطات تنقية المياه، الصرف الصحي، والكهرباء، بالإضافة إلى عناصر تجميل الموقع لجعله منطقة جذب سياحي.
يشار إلى أنه تم الانتهاء من المشروع مطلع العام 2020، إلا أن الأضرار التي لحقت به بعد ذلك نتيجة استخدامه كمنطقة عزل خلال جائحة "كورونا" استدعت تأجيل افتتاحه لحين إجراء الصيانة اللازمة، وقد وافق مجلس الوزراء في 21 آب (أغسطس) 2022، على قيام شركة المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والمناطق التنموية بتنفيذ أعمال تأهيل موقع كورنيش البحر الميت ومعالجة الأضرار الناتجة عن استخدامه للحجر الصحي خلال جائحة "كورونا".
من جانبها، قالت المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والتنموية "إنه وفي إطار التزامنا المستمر بتطوير بيئة استثمارية جاذبة وتعزيز البنية التحتية السياحية في منطقة البحر الميت، فإننا نؤكد أن مشروع كورنيش البحر الميت يعد من المشاريع الحيوية والاستراتيجية الهادفة إلى إعادة إحياء المنطقة، وتحفيز الاستثمارات السياحية، ضمن رؤية تنموية متكاملة"، متوقعة أن يتم الانتهاء من جميع أعمال الصيانة مع نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الحالي.
وأشارت المجموعة إلى أن أعمال صيانة وتأهيل المرحلة الأولى من مشروع كورنيش البحر الميت، والبالغة مساحتها الإجمالية نحو 600 دونم، باتت في مراحلها النهائية من التنفيذ بالرغم من ظهور عدد من المعيقات الفنية والميدانية أثناء التنفيذ التي أدت إلى بعض التأخير، وقد تم التعامل معها ومعالجتها بشكل كامل.
وأوضحت أن المرحلة الحالية تشمل أعمال مرافق عامة، ومساحات مفتوحة، وحدائق، وممرات للمشاة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية الأساسية، بما يهيئ البيئة المناسبة لانطلاق أعمال المستثمرين، منوهة إلى أنه تم التواصل والتنسيق مع الشركاء والجهات المعنية لضمان استكمال المشروع وفقا لأعلى المعايير الفنية والبيئية.
وأضافت "ترتكز الرؤية المستقبلية لمشروع كورنيش البحر الميت على تحويله إلى مركز حيوي ونواة جذب للاستثمار في منطقة البحر الميت، من خلال تطوير مساحات متنوعة تشمل مرافق ترفيهية، وأنشطة ثقافية، ومكونات سياحية متعددة تلبي تطلعات الزوار والمستثمرين على حد سواء"، لافتة إلى أن المجموعة تسعى إلى تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وتهيئة بيئة استثمارية محفزة، بما يسهم في استقطاب استثمارات نوعية تسهم في خلق فرص عمل مستدامة، وتعزيز مساهمة المنطقة في دعم الاقتصاد الوطني.
وتؤكد المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والتنموية التزامها الكامل بالمضي قدما في تنفيذ المشروع وفق خطة تطويرية شاملة، وبما يخدم المصلحة الوطنية، ويعزز مكانة البحر الميت كوجهة سياحية واستثمارية فريدة على مستويي المنطقة والعالم.الغد