قدّم الباحث محزوم أحمد من جامعة كاليكوت بالهند، دراسة أكاديمية جديدة حملت عنوان "دور هاني أبي نعيم، رائد القصة الومضة في إثراء الأدب العربي الحديث". وتأتي هذه الدراسة البحثية على مستوى الدكتوراه لتضيء على أعمال واحد من أبرز الكتّاب الأردنيين الذين أسهموا في تجديد الفن السردي العربي وتطوير أشكاله الحديثة، ولا سيما "القصة الومضة" أو ما يُعرف بالفلاش فكشن. لقد تم البحث تحت إشراف الأستاذ الدكتور ك محمد بشير شيخ الجامعة كاليكوت السابق، بروفيسور في جامعة آسام. والمناقشة المفتوحة على رئاسة الممتحن المبجل الأستاذ د. عبد الرشيد رئيس القسم للغة العربية في كلية برينان الحكومية بمقاطعة كانور. والأستاذ د. عبد المجيد رئيس القسم للغة العربية في جامعة كاليكوت.
يبيّن البحث أنّ هاني أبا انعيم لم يكن مجرد كاتب تقليدي، بل شكّل منعطفا مهما في مسيرة السرد العربي عبر إبداعه في القصة القصيرة جدا، حيث استطاع أن يُكثّف التجربة الإنسانية والاجتماعية في نصوص قصيرة لكنها غنية بالدلالات والمعاني. وتوقّف الباحث عند مجموعته الرائدة وخزات نازفة التي مثّلت فتحا جديدا في هذا المجال، بالإضافة إلى مجموعات أخرى مثل أرواح شاحبة وكفاف البوح.
كما يرصد البحث إسهامات أبي انعيم في مجال القصة القصيرة التقليدية، لاسيما في مجموعته الذبيحة التي تناول فيها قضايا العدالة الاجتماعية والهمّ الفلسطيني والبعد الإنساني. ولم يغفل الباحث عن رواياته مثل رسل السلام واشطيو وواحة اليقين، حيث تتجلى القدرة السردية الواسعة في معالجة قضايا الهوية والمنفى والوجود الإنساني.
اعتمدت الدراسة على منهج تحليلي مقارن، جمع بين النقد النصي والمرجعيات الثقافية والفكرية، مؤكدة أن تجربة أبي انعيم تمثل علامة بارزة في مسيرة الأدب الأردني والعربي، وأنه قدّم نموذجًا حيًا يثبت أن القِصر والاختزال لا ينفيان العمق والإبداع. والبحث يقدر الشكر لعائلة أبو انعيم تقديرا ممتنا، وبالأخص نهيل وأنيس ومحمد والسيدة سلوى عدس، كما يثمّن جهود عدد من النقاد والكتاب العرب الذين دعموا هذا المشروع البحثي. ولقد قدم الباحث الأستاذ محزوم خالص الإمتنان والتقدير للأستاذ أحمد فارس العلاوي والأستاذ فراس حج محمد والشاعر راشد عيسى والأديب الليبي جمعة الفاخري والقاص المصري حسن الفياض والقاص المغربي حسن برطال والكاتبة مالكة عسال والأستاة الأردنية نجاح سرطاوي والكاتبة المصرية الطبيبة سماح عبد الحليم والأستا ذ الدكتور جمال الجزيري والكاتب المصري مجدي شلبي والأستاة د. نهلة عبد العزيز الشقران ومحمود النوايسة وغيرهم من الكتاب والأدباء والنقاد في الأردن والبلاد العربية المختلفة.
ويشير الباحث إلى أن هاني أبا انعيم استطاع عبر نصوصه أن يضع "القصة الومضة" في موقعها اللائق ضمن خارطة الأدب العربي الحديث، وأن يترك إرثا أدبيا يفتح الطريق أمام الأجيال الجديدة من المبدعين.
ولا يخفى أن الجامعات الهندية، ولا سيما جامعة كاليكوت وجامعات كيرالا ودلهي وعليكرة، قد اشتهرت بتقديم دراسات بحثية مميزة في ميدان الأدب العربي، إذ تتبنى مناهج علمية رصينة تجمع بين الأصالة والمعاصرة. وتمتاز هذه الدراسات بقدرتها على وصل التراث العربي القديم بالاتجاهات النقدية الحديثة، مع تسليط الضوء على الأدباء العرب في المشرق والمغرب وإبراز إسهاماتهم في الحقول السردية والشعرية والفكرية.
وتبرز قيمة هذه البحوث الهندية أيضًا في كونها تجسّد جسرًا ثقافيًا بين الهند والعالم العربي، حيث يسعى الباحثون إلى تقديم قراءات معمقة للنصوص العربية، مع التركيز على القضايا الإنسانية المشتركة مثل الحرية والعدالة والهوية. وقد ساهم هذا التوجه في جعل الجامعات الهندية فضاءً أكاديميًا متطورًا يرفد الساحة النقدية العربية برؤى جديدة وموضوعات غير مطروقة، من خلال الرسائل الجامعية والندوات العلمية والدوريات البحثية.
والباحث محزوم أحمد شاعر هندي مشهور بين الشعراء المعاصرين في العالم العربي، دواوينه الشعرية "أعشاب كالأشجار" و"حروف قد أينعت!" من أهم أعماله الإبداعية التي لقيت قبولا حسنا في العالم الشعري الفصيح. يعمل مدرّسا للغة العربية في مدرسة حكومية في كاليكوت، ويواصل من خلال جهوده الأكاديمية والإبداعية تعزيز مكانة الدراسات العربية في الهند.