من جبال شامخة بالكرامة و الاصالة حيث الرجولة تولد مع الطفل مثل ما تولد معه الروح، خرج رجل صار حديث الناس ومضرب المثل. أخو صالحة، رجلٌ جمع بين بساطة العيش وعلوّ المقام، بين التواضع وهيبة الشيخ.
عرفه الناس مبتسم الوجه، طيّب القلب، يحمل همّ الوطن على كتفه كأنه همّه الشخصي. ما كان يفرّق بين غني وفقير، ولا بين قريب وغريب. بل كان دائمًا يقف مع المواطن، حتى لو كان في ذلك مشقة عليه أو عتاب من بعض زملائه. ومن مقولته الشهيرة كان يقول: "وظيفتي ما تكتمل إلا إذا حسّ المواطن إن الدولة حضن له، مش عصا عليه."
كان إذا جاءه مظلوم، فتح له قلبه قبل مكتبه، يسمع بإنصاف ويعطي كل ذي حق حقه. وإذا وقف بين الناس، وقف معهم كأخ أكبر، لا كمسؤول متعالي. كثيرون شهدوا أنه كان ينحاز للناس أكثر من انحيازه لأفراد الجهاز، لا لأنّه يهوّن من قدرهم، بل لأنه آمن أن قوة الجهاز تُبنى على محبة الناس وثقتهم، لا على خوفهم.
ومع كل موقفٍ يمرّ، كان يزداد احترامه في القلوب. فهو لم يكن شخص يؤدي واجبًا فحسب، بل كان ضميرًا حيًّا يذكّر الجميع بأن الإنسانية فوق المناصب، وأن الرحمة لا تُعارض القوة، بل تكتمل بها.
لقد ترك أخو صالحة إرثًا من المحبة لا يُمحى، وسيرةً يتداولها الرجال في المجالس، ليكون مثالًا على أن العظمة لا تُقاس بالسلطة، وإنما بما تتركه في نفوس الناس من عدل وكرامة.
فيا علي الهملان، دمت شاهدًا أن في الأردن رجالًا إذا ذُكرت الرجولة كنتَ منهم ، وإذا سُئل عن الوفاء كنتَ رمزًا له، وستبقى ذكراك تسري مثل الطيب، جيلًا بعد جيل.