زمان كان عندنا في الأردن إذاعة في أم الحيران قبل أن تشرق شمس التلفزيون بعد ، كنا نفتح جهاز الراديو القديم منذ ساعة الفجر نستمع الى الحديث الديني اليومي والى برنامج مع المزارع يقدمه مازن القبج ، فالأردنيون في كل مواقعهم يستمعون للإذاعة الأردنية باهتمام شديد ، فالناس كانوا يعيشون عيشة بسيطة في ذاك الزمان ، كانوا أبرياء وفضلاء ومتاحبين، وسعداء ،يستمعون الى إذاعتهم
أغاني وبرامج محلية وفقرات جميلة ،واخبار محلية وعالمية محدودة ، كان الراديو هو الوسيلة الوحيدة لمعرفة مايدور في البلد من أخبار سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية ،لايوجد مصادر أخرى سوى الصحف المحلية المحدودة وكان لها جمهورها من المثقفين والسياسيين ، كان المذيع يحظى باهتمام كبير واحترام مقدر ويحبه الناس إن شاهدوه في الشارع أو في المناسبات ،كان الشاب الأردني يتمنى أن يصبح موظفا بالاذاعة ومذيعا تحديدا ،
فاختيار المذيع ليس بالأمر السهل كما هو اليوم ، الاذاعة الأردنية زمان كانت مدرسة لربات البيوت والأطفال وكل أفراد الأسرة ،هناك كل شيء وطني الأغاني البرامج الأخبار المحلية كلها تنبض بحب الوطن ، كان المزارع يستمع للراديو والعامل والسائق والموظف والعسكري ، تشعر بالوطنية والانتماء والحب والتصالح مع النفس والقناعة والزهد في ذلك الزمان ،تشعر بالهدوء النفسي وراحة البال ، تعرف أسماء المذيعين والمذيعات
من خلال أصواتهم الجميلة ، هناك أسماء كثيرة لاأستطيع بهذه العجالة ذكرهم ، لهم بصمات وذكريات في تاريخ الاذاعة أثروا الاعلام الأردني بالمهنية والمعرفة والتجربة والثقافة،
الاذاعة الأردنية في الماضي كانت صوت الأردن الحر في الداخل والخارج ، لها مستمعون مخلصون أردنيون وعرب ، ولكن اليوم فقدت الاذاعة بهجتها وألقها وجمالها بعد ثورة الاتصالات والمعلومات والتكنولوجيا والفضائيات وتعدد وزيادة مواقع الاعلام المرئي والنت والفيسبوك والذكاء الاصطناعي وغدت الأمور في اضطراب وفوضى وعدم تركيز وضياع البوصلات.