هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 200% على الأدوية المصنعة في الخارج، ما سيؤدي، إلى زعزعة سوق واردات الأدوية، الذي يزيد حجمه عن 200 مليار دولار.
وقال ترامب يوم الأربعاء إن الرسوم الحدودية العقابية الجديدة سيتم الإعلان عنها "قريبًا جدًا" وتأتي مع فترة انتقالية يمكن أن تستمر لمدة عام على الأقل، بعد ضغوط مستمرة من صناعة الأدوية الأميركية بشأن ضوابط الأسعار على الأدوية الشائعة في دول مثلأستراليا، وأن الشركات ستُمنح مهلة تصل إلى 18 شهرًا قبل سريان الإجراء.
وشرح في اجتماع لمجلس الوزراء إن الإعلان عن الرسوم الجمركية على الأدوية سيأتي "قريبا جدا"، مؤكدًا اعتقاده بأن شركات الأدوية يجب أن تزيد من التصنيع داخل الولايات المتحدة بدلا من الاعتماد على سلاسل التوريد الخارجية، وتُمثل هذه التصريحات تحولاً جذرياً عن اقتراحه السابق بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الأدوية.
ووفق "وول ستريت جورنال" فإن أيرلندا (50 مليار دولار واردات عام 2024) تُعدّ أكبر مصدر للواردات الدوائية إلى الولايات المتحدة، وقد ساعد انخفاض الضرائب على تحويل أيرلندا إلى مركز رئيسي للشركات الأميركية، حيث تُصنّع منتجات مثل البوتوكس، وأدوية إنقاص الوزن من شركة إيلي ليلي، ودواء السرطان كيترودا من شركة ميرك.
أما سويسرا (19 مليار دولار) وألمانيا (17 مليار دولار) فتعدان موطنين لشركات الأدوية بما في ذلك روش ونوفارتس وباير، فيما سنغافورة (15 مليار دولار) تعتبر قاعدة تصنيع شعبية أخرى لشركات الأدوية الأميركية والأوروبية، أما الهند (12 مليار دولار) والصين (8 مليارات دولار) فهي من أكبر المصدرين للأدوية الجنيسة أو الجينيريك، بما في ذلك مسكنات الألم والمضادات الحيوية وأدوية ضغط الدم.
مهلة تطبيق رسوم الأدوية
ولم تشهد أسهم العديد من شركات الأدوية الأجنبية تغيرًا يُذكر يوم الأربعاء، مما يُشير إلى أن المستثمرين لم يأخذوا تهديد الرسوم الجمركية على محمل الجد بعد.
وصرح ترامب بأن أمام الشركات مهلة تصل إلى 18 شهرًا لإعادة سلاسل التوريد إلى الداخل، وقد أعلنت العديد من شركات الأدوية بالفعل عن خططها لتوسيع نطاق التصنيع في الولايات المتحدة.
إلا أنه على الجانب الآخر، تتزايد المخاوف، بحسب موقع "سباكيايتور" من "أن نشهد قريبًا استثناءً واحدًا.
وقد يؤدي فرض ترامب رسومًا ضخمة على صناعة الأدوية إلى تدمير الاقتصاد الأيرلندي". ويعتبر الموقع أنه من الواضح أن هدف ترامب هنا هو أيرلندا. فقد رسّخت البلاد لنفسها مكانةً مربحةً في قطاع الأدوية. تُصنّع شركات الأدوية العملاقة الأدوية هناك، وتشحنها إلى الولايات المتحدة، وتُسجّل أرباحها في أيرلندا، إذ لا تدفع سوى 12.5% كضرائب شركات، وغالبًا ما تكون أقل بكثير بعد أن يبدأ المحاسبون في العمل على الأرقام.
ويُوظّف هذا القطاع 70 ألف شخص، ويُمثّل 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو بالغ الأهمية لارتفاع عائدات ضرائب الشركات في أيرلندا، وقد ساهم هذا القطاع بشكلٍ كبير في ازدهار البلاد. وسوف يكون من الصعب على أيرلندا أن تجادل ضد هذه التعرفات، والأسوأ من ذلك هو أنه سيكون من الصعب عليها إقناع الاتحاد الأوروبي بإثبات وجهة نظره، لأن بروكسل لا توافق على الضرائب المنخفضة التي تفرضها هي الأخرى.
ومن جهة أخرى، تقدم حزب العمال البريطاني باحتجاجات عاجلة إلى البيت الأبيض بشأن تهديد الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 200% على واردات الأدوية إلى الولايات المتحدة، وسط تحذيرات متزايدة من أن الحرب التجارية المتنامية للرئيس الأميركي سوف تلحق أضرارا بالغة بالاقتصاد العالمي.
وقال وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز يوم الأربعاء إن الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية مثيرة للقلق للغاية، في حين حذر نائب محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي أندرو هاوزر من أنها من المقرر أن يكون لها تأثير "عميق" على الاقتصاد الدولي.
وتابع تشالمرز لإذاعة إيه بي سي أن "صناعة الأدوية لدينا أكثر تعرضًا للسوق الأميركية، ولهذا السبب نسعى، بشكل عاجل، للحصول على مزيد من التفاصيل حول ما تم الإعلان عنه. لكنني أريد أن أوضح الأمر مرة أخرى بشكل قاطع ... إن نظام المزايا الصيدلانية لدينا ليس شيئًا نحن على استعداد للتخلي عنه".