وصل وفد سياسي وعسكري رفيع من قيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الأربعاء، إلى العاصمة السورية دمشق، في زيارة تهدف إلى استكمال المباحثات مع الحكومة السورية حول تنفيذ الاتفاق السياسي الموقع في 10 مارس/آذار الماضي، وسط رعاية أمريكية وفرنسية متواصلة.
وبحسب مصادر مطلعة، يترأس الوفد قائد قسد مظلوم عبدي، ويضم مسؤولين بارزين في الإدارة الذاتية، من بينهم سيامند ولاط، نوري محمود، فوزة اليوسف، بدران جيا كرد، عابد حامد المهباش، وسنحريب برصوم. كما يشارك في الاجتماعات المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس برّاك، إلى جانب ممثلين عن الحكومة الفرنسية.
وتتضمن المباحثات أربعة ملفات رئيسية، وفق مصدر كردي تحدّث لوكالة "فرانس برس"، وهي: شكل الدولة السورية، طبيعة العلاقة بين الإدارة الذاتية والحكومة المركزية، إضافة إلى ملفي الاقتصاد والوجود العسكري.
وفي بيان رسمي، أكدت الحكومة السورية أنها ترحب بأي مسار سياسي مع قوات سوريا الديمقراطية من شأنه تعزيز وحدة البلاد وسلامة أراضيها. وأعادت التأكيد على تمسكها بمبدأ "سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة"، رافضة بشكل قاطع أي مشاريع للتقسيم أو الفدرلة.
كما شدّدت الحكومة على أن الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة، وأنها ترحب بانضمام المقاتلين السوريين من قسد إلى صفوفه ضمن الأطر الدستورية والقانونية. وأضاف البيان أن تأخير تنفيذ الاتفاقات الموقعة لا يخدم المصلحة الوطنية، ويعقّد المشهد الأمني والإداري في البلاد.
وطالبت دمشق بعودة مؤسسات الدولة الرسمية إلى مناطق شمال شرق سوريا، بما في ذلك الصحة والتعليم والخدمات والإدارة المحلية، من أجل إنهاء الفراغ الإداري وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
وحذّرت الحكومة من "الرهان على المشاريع الانفصالية أو الأجندات الخارجية"، واعتبرته خيارًا خاسرًا. وقال البيان إن المطلوب اليوم هو العودة إلى "الهوية الوطنية الجامعة"، والانخراط في مشروع الدولة السورية الواحدة.
وشددت الحكومة السورية على أن المكوّن الكردي هو جزء أصيل من النسيج السوري، مؤكدة أن حقوق جميع السوريين، بمختلف انتماءاتهم، يجب أن تُصان وتُحترم داخل مؤسسات الدولة.
وكانت الإدارة الذاتية قد انتقدت مؤخرًا الإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة السورية الانتقالية، معتبرة أنه لا يعكس التنوع السياسي والمجتمعي، وطالبت بتبني نموذج "دولة ديمقراطية لا مركزية"، وهو ما رفضته دمشق، مؤكدة تمسكها بوحدة الدولة السورية.
يُذكر أن الاتفاق الموقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، ينص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن الدولة، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.
وكان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قد حذّر في وقت سابق من أن "المماطلة" في تنفيذ الاتفاق "ستُطيل أمد الفوضى"، داعيًا إلى تحمّل كافة الأطراف مسؤولياتها لإنجاح العملية السياسية.