في سجلّ الوطن أسماء خالدة، سطّرتها الميادين، ودوّنتها ساحات الشرف والفداء.. ومن بين تلك الأسماء التي لا تُنسى، يبرز اسم العميد الركن المتقاعد عبدالمنعم سعود الرقاد، رجل أمنٍ وعسكرٍ، جمع بين قوة الميدان وحكمة الإدارة، وبين ضجيج المعركة وهدوء التخطيط.
منذ التحاقه بالخدمة العسكرية في الأول من تشرين الأول عام 1988، وحتى إحالته إلى التقاعد في الخامس عشر من أيار عام 2021، كان الرقاد في قلب ميادين الوطن، مدافعًا، قائدًا، ومربّيًا للأجيال العسكرية، في مسيرة امتدت لأكثر من 33 عامًا من العمل الدؤوب والتضحية الصادقة.
عقلٌ يُخطط.. وقلبٌ يقاتل
تخرّج الرقاد من جامعة مؤتة العسكرية عام 1992، حاملاً بكالوريوس في العلوم العسكرية، ليكمل لاحقًا مسيرته الأكاديمية بحصوله على بكالوريوس في اللغة العربية، وماجستير في الإدارة والدراسات الاستراتيجية، وماجستير في العلوم العسكرية، ودبلوم في إدارة الموارد البشرية، ليكون مثالًا نادرًا للقائد الذي لا يتوقف عن التعلم والتطوير.
من فصيل المشاة إلى قيادة التدريب
بدأ الرقاد مسيرته العسكرية في كتيبة أبي عبيدة عامر بن الجراح، وقائدًا لفصيل المشاة ثم فصيل الدبابات، قبل أن ينتقل إلى لواء حمزة بن عبد المطلب – الحرس الملكي، الذي خدم فيه أكثر من 17 عامًا، متنقلاً بين مهام المرافقة العسكرية، ومواقع القيادة والإسناد، وصولًا إلى منصب قائد وحدة الحرس المتحرك، ومن ثم قيادته لعدة مديريات في قوات الدرك ومديرية الأمن العام.
وتوّجت مسيرته بقيادة مديرية التدريب، ومديرية الموارد البشرية، ومكتب المفتش العام، وهي مواقع لا يُكلّف بها إلا أصحاب الكفاءة والخبرة، فكان الرقاد فيها مثالا للقيادة الرشيدة والانضباط الراسخ.
حامل الأوسمة.. ومرافق الكبار
لم تقتصر مهام الرقاد على الداخل، بل شارك في عدة مهام دولية ضمن قوات حفظ السلام في كرواتيا وكوسوفو، ورافق كبار المسؤولين في مهام رسمية حول العالم، كما نال عدة أوسمة وشارات، منها:
وسام الاستقلال من الدرجة الثانية والرابعة
وسام قوات حفظ السلام الأردني
وسام هيئة الأمم المتحدة
شارة الكفاءة القيادية والميدانية والإدارية
قيادة بلا ضجيج.. وإنجاز بلا منّة
ما يميز العميد الرقاد ليس فقط عدد سنوات خدمته أو المناصب التي تقلدها، بل أثره الصامت في كل مكان حلّ به، فكان معروفًا بالجدية والانضباط، محبًا لرفاق السلاح، مخلصًا لواجبه، محاربًا للفساد الإداري، ومدافعًا عن كرامة الجندي الأردني في كل مكان خدم فيه.
بعد التقاعد.. العطاء لا يتوقف
رغم انتهاء خدمته العسكرية في العام 2021، لم يتوقف الرقاد عن العطاء، إذ بقي على تواصل دائم مع زملائه ورفاق السلاح، داعمًا للمؤسسات الوطنية، ومشاركًا في الندوات الوطنية والأمنية، ومرجعًا في الإدارة العسكرية والتدريب.
العميد الركن المتقاعد عبدالمنعم الرقاد ليس مجرد ضابط سابق، بل هو مدرسة في الالتزام، وقدوة في القيادة، وتاريخ ناصع في صفحات الجيش العربي المصطفوي.. رجلٌ يليقُ به أن يُكتب، وأن يُروى، وأن يُحتذى.