عبيدات يكتب .. 79عامًا من الكرامة والسيادة: الأردن وطن الإنجاز
والاعتزاز"
نيروز - بقلم معالي الأستاذ الدكتور محمد
طالب عبيدات وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق، رئيس جامعة جدارا السابق، أستاذ
الهندسة في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، يقف
الأردنيون وقفة عزّ وشموخ في حضرة التاريخ، يحيون ذكرى الاستقلال الخالد، الذي أرسى
دعائمه المغفور له جلالة الملك عبد الله الأول ابن الحسين طيّب الله ثراه، ليبدأ فصلٌ
جديد في مسيرة الأردن نحو الحرية والسيادة وبناء الدولة الحديثة المستقلة.
اليوم، ونحن نحتفل بالذكرى التاسعة والسبعين
للاستقلال، نُجدد العهد والولاء للقيادة الهاشمية الحكيمة، ونستذكر بإكبار تضحيات الأجداد
والآباء، الذين شقّوا طريق المجد بعرقهم، وصانوا الوطن بدمائهم، حتى بات الأردن أنموذجًا
في الصمود، والنهضة، والاعتدال، والإنسانية.
لقد خطّ الأردن بقيادة الهاشميين، منذ فجر
الاستقلال، مسارًا متوازنًا يجمع بين التمسك بالثوابت الوطنية والانفتاح الحضاري، وبين
حماية الأمن الداخلي والتفاعل المسؤول مع المتغيرات الإقليمية والدولية. وقد شهدت المملكة
في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظّم، حفظه الله ورعاه، مرحلة جديدة
من الإصلاح الشامل والتحديث العميق، استندت إلى رؤية ملكية طموحة لبناء دولة القانون،
والمؤسسات، والإنتاج، وتكافؤ الفرص.
التحديث السياسي: ترسيخ الديمقراطية
أطلق جلالة الملك مسار التحديث السياسي، الذي
تُوّج بحزمة من التعديلات الدستورية والتشريعات الناظمة للحياة السياسية، لتأسيس منظومة
حزبية برلمانية قادرة على الوصول إلى برلمانات برامجية فاعلة. وقد تميّز هذا المسار
بتعزيز دور الشباب والمرأة في الحياة العامة، عبر قانوني الانتخاب والأحزاب، لتغدو
المشاركة الشعبية أكثر حضورًا، والهوية الوطنية الجامعة أكثر رسوخًا.
التحديث الاقتصادي: نحو نمو شامل ومستدام
وعلى الصعيد الاقتصادي، مضى الأردن في مسيرة
تحديث شاملة، تمثلت بإعادة هيكلة الاقتصاد، وتطوير التشريعات الناظمة للاستثمار، وتعزيز
الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يهيئ بيئة اقتصادية محفّزة. وقد أُطلقت
"رؤية التحديث الاقتصادي 2033"، لتكون خريطة طريق طموحة نحو خلق فرص العمل،
وزيادة النمو، وتحقيق التنمية المستدامة.
التحديث الإداري: جهاز حكومي كفؤ وشفاف
أما على المستوى الإداري، فقد دشّن الأردن
مشروع التحديث الإداري، لتطوير البنية المؤسسية، وتحسين جودة الخدمات العامة، وتعزيز
الأداء المؤسسي، بما يعكس قيم الشفافية والمساءلة، ويُعيد ثقة المواطن بمؤسسات دولته.
الأمن والاستقرار: واحة أمان في محيط مضطرب
رغم الأزمات الإقليمية والاضطرابات المحيطة،
حافظ الأردن على أمنه واستقراره، بفضل كفاءة أجهزته الأمنية، ويقظة قواته المسلحة
– الجيش العربي، التي شكّلت درعًا حصينًا للوطن ومصدر طمأنينة للمواطن. وقد تصدّت هذه
الأجهزة لمحاولات التطرف والإرهاب بكل مهنية واحتراف، وحمت نسيجنا الاجتماعي ومجتمعنا
الآمن.
تمكين المرأة والشباب: ركيزة للتنمية
ومن منطلق الإيمان العميق بدور المرأة والشباب
في صناعة المستقبل، حرص جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبد الله
الثاني، ولي العهد الأمين، على إطلاق مبادرات وطنية لتمكينهم، وتوسيع مشاركتهم السياسية
والاقتصادية. وتم تعزيز دور المرأة في مواقع القرار، وتوفير برامج تدريبية وتأهيلية
للشباب، ليكونوا شركاء فاعلين في التنمية المستدامة، وبناة لمستقبل الأردن الزاهر.
القضية الفلسطينية: ثبات على المبدأ
وظلّ الأردن، بقيادته الهاشمية، صوتًا للعقل
والحكمة والاعتدال في وجه الظلم، ومدافعًا شرسًا عن القضية الفلسطينية، ووصيًا أمينًا
على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة، تصدّر الأردن، بقيادة جلالة الملك، الصفوف الأمامية دفاعًا عن الشعب الفلسطيني،
ورفضًا للحرب الهمجية التي طالت الأبرياء، وتسببت بكارثة إنسانية مروعة.
وقد قاد جلالته حراكًا دبلوماسيًا نشطًا على
الصعيدين الإقليمي والدولي، داعيًا إلى وقف إطلاق النار الفوري، وفتح الممرات الإنسانية،
ومحاسبة الاحتلال على جرائمه، كما حرص على إيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة،
عبر جسر جويّ وبرّي، وواصلت القوات المسلحة – الجيش العربي، والهيئة الخيرية الهاشمية،
عمليات الإغاثة رغم كل التحديات.
وأكد الأردن موقفه الراسخ برفض التهجير القسري،
أو فرض الحلول الأحادية، مشددًا على أن السلام العادل لا يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية
المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ففلسطين ليست قضية عابرة، بل
هي في وجدان الأردنيين وهويتهم الوطنية وضميرهم الحي.
الاستقلال مشروع متجدد
إن استقلال الأردن ليس مجرد لحظة تاريخية
أو احتفال سنوي، بل هو مشروع وطني متجدد للنهضة، والتنمية، والسيادة، يستلهم الأردنيون
منه عزيمتهم، ويستمدون منه وعيهم بالمسؤولية، ويجدّدون فيه التزامهم بالثوابت التي
قامت عليها المملكة:
الحرية، والعدالة، والمساواة، والكرامة الإنسانية،
في ظل راية الهاشميين، الذين قدّموا للأمة نموذجًا في القيادة الراشدة، والشرعية التاريخية،
والالتزام الأخلاقي بالقضايا العادلة.
وفي ذكرى الاستقلال التاسعة والسبعين، نُجدد
العهد مع الوطن، ومع القائد، بأن نظل أوفياء للمسيرة، مخلصين للأمانة، ساعين إلى رفعة
الأردن، متسلحين بالإيمان والعلم والعمل، ليظل الأردن وطن العزم، والكرامة، والتقدم،
والحضارة، تحت ظل القيادة الهاشمية المظفرة.
كل عام والأردن بخير… وكل عام ورايته خفّاقة
بالعزّ والمجد.