في الخامس والعشرين من أيار في كل عام، يحتفل الأردنيون بعيد الاستقلال، المناسبة التي تتجاوز كونها محطة تاريخية، لتغدو رمزًا راسخًا للكرامة والسيادة والإنجاز الوطني، فالاستقلال لم يكن مجرد لحظة إعلان سياسي لنهاية الانتداب البريطاني، بل بداية لمسيرة بناء وطن قام على إرادة الإنسان الأردني وعزيمته التي لا تلين.
في ذاكرة الاستقلال، تُختزن محطات من التضحيات والعمل، ومسيرة من الإنجازات وضعت الأردن بثقة على خارطة دول العالم المتقدمة، فقد شكّل الاستقلال تتويجًا لنضال الآباء والأجداد، وبداية تأسيس الدولة الأردنية الحديثة على قيم العدل والحرية واحترام الكرامة الإنسانية، ومنذ ذلك اليوم، بدأت رحلة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز سيادة القانون وتحقيق التنمية في مختلف القطاعات، فكانت الإنجازات في التعليم، والصحة، والبنية التحتية، والاقتصاد، شاهدة على عزيمة لا تعرف التراجع.
ومع دخول الأردن مئويته الثانية، يَغدو عيد الاستقلال أكثر من مناسبة للاحتفال، بل منارة تُضيء الطريق نحو المستقبل، فهذه الذكرى الوطنية الغالية تذكرنا بأن الاستقلال لم يكن نهاية النضال، بل بدايته، وأن الحفاظ عليه يتطلب مواصلة البناء والتحديث.
ونحن نتحدث عن روح ومعاني الاستقلال التي صنعت البداية، نمضي اليوم بمشروع التحديث الشامل الذي أطلقه جلالة الملك عبد الله الثاني مع بداية المئوية الثانية من عمر الدولة، لنبني المستقبل بثقة وثبات، ونجسد إرادة الأردنيين في مواصلة مسيرة التطوير والتحديث، إذ يُعد مشروع التحديث بمساراته السياسية والاقتصادية والإدارية، ترجمة عملية لتطلعات الأردنيين نحو أردن أكثر كفاءة واستدامة.
وفي هذا السياق، يمثل عيد الاستقلال فرصة متجددة لتعزيز قيم الانتماء والمسؤولية، ودعوة للجميع – أفرادًا ومؤسسات – للعمل الجاد والمثابرة والمشاركة بفاعلية في إنجاح مسيرة التحديث وتحقيق أهدافه، ودافعًا لاستنهاض الهمم
لتحويل التحديات التي تواجه الأردن اليوم إلى فرص للتحديث والإصلاح، مهما كانت صعوبتها، يجب ألّا تُثنينا أو تُبرر التراجع أو التقاعس، فالإنجاز الحقيقي لا يتحقق في ظروف مثالية، بل يُصنع في لحظات التحدي، ومن رحم الضغوط تُولد الحلول المبتكرة، وتُبنى الأوطان الراسخة.
في عيد الاستقلال التاسع والسبعين، نستلهم من تاريخنا العريق قوة الحاضر، ونستشرف المستقبل بعين الطموح والعمل، فالأردن، الذي وُلد من رحم الصعوبات، سيبقى شامخًا بقيادته الهاشمية، وبإرادة أبنائه، وبمشاريع تحديثه التي تُبنى اليوم لتُقطف ثمارها غدًا.