أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان المسلمين بتقوى الله ومراقبته، فهي منبع الفضائل، ومجمع الشمائل، وأمنع المعاقل، من تمسّك بأسبابها نجا.
وقال في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم: "إنكم في شهر حرام، وفي بلد حرام، ومقبلين على ركن من أركان الإسلام، وهو فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، وإن من الاستعداد لأداء هذا النسك تعلم ما يتعلق به من الأحكام، فيتعين على المسلم المقبل على الحج أن يتعلم طريقة وكيفية أداء نسكه بإتقان وإحكام، وأن يعرف الأركان والواجبات والمحظورات وما يترتب عليها من أحكام، فالعلم مقدم على العمل، والله لا يُعبد بالهوى، وإنما يُعبد بالعلم والبصيرة، وقد قال الله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ)، فقدم العلم على القول والعمل".
ومضى قائلًا: "تعلم العلم خشية، وطلبه عبادة، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قُربة، ولا يتقرب إلى الله بشيء أحب إليه من علم يهتدي به العبد في عبادته، وقد سخّر الله لكم الوسائل، وهيّأ لكم الظروف المناسبة، فلا عذر لأحد في عدم تحصيل العلم، فكل الوسائل متاحة، والحجة قائمة".
وبين أن تعلم أحكام الحج جزء من أدائه، بل هو شرط في صحته واستيفائه، فاحرصوا على تعلمها على الوجه الصحيح، من العلماء المعتبرين، ومن الجهات المعتمدة؛ حتى تؤدوا مناسككم على الوجه المشروع، مشيرًا فضيلته إلى أن الله يسر لكم ما لم ييسر لمن قبلكم من وسائل التعليم، ومنصات التوجيه والإرشادات المصورة، بلغات متعددة، فهل بعد هذا من عذر، وهل بقي لأحد حجة في الجهل، فاغتنموا فرصة زمانكم، وتعلموا مناسككم، وخدمة لضيوف الرحمن فإن الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ووزارة الحج والعمرة قد أطلقتا عبر منصاتهما التوعوية جميع الخدمات التي يحتاجها الحاج والزائر، من التوجيهات العلمية، المعتمدة على الكتاب والسنة النبوية، والإرشادات الأمنية والصحية، والوسائل المساعدة، والإجراءات النظامية، وغير ذلك، فاستفيدوا منها، واعتمدوا عليها.
وقال: "لقد أكرمكم الله ومنّ عليكم بزيارة المدينة المنورة، طيبة الطيبة، دار الإيمان، مهاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومأواه، ومقامه ومسكنه ومثواه، أفضل البقاع، وأحب البلاد إلى الله بعد مكة، فاعرفوا قدرها وفضلها، وعظّموا شأنها، وراعوا حرمتها، واستشعروا عظمتها، وتأدبوا فيها بأحسن الآداب، واحذروا من انتهاك حرمتها، ومن الإحداث فيها، وتذكروا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (الْمَدِينَةُ حَرَمٌ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ)".
وأضاف قائلًا: "ألا وإن الله أكرمكم بزيارة مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي أُسس على التقوى من أول يوم، وهو أعظم وأفضل بيوت الله في الأرض، والعبادة فيه مضاعفة على العبادة في ما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ)، متفق عليه".
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان خطبته بحث المسلمين وزوار المدينة المنورة على استشعار شرف المكان، واحترام قدسيته، والتأدب فيه بالآداب الشرعية، والحفاظ على الهدوء والسكينة والوقار، والحرص على عدم الإزعاج والتشويش على المصلين، وعدم أذيتهم وتخطي رقابهم، والرفق بالزوار وبضيوف الرحمن، وتجنب التدافع أثناء الزحام، مبينًا أن هذا المكان مخصص للعبادة، فتجنّبوا فيه كل ما يخالف الشرع من بدع ومخالفات، وفتن ومنكرات، ولا تكونوا سببًا في صرف الناس عن الخشوع وعن الطاعات.