أعاد مشهد استخراج قنبلة ضخمة غير منفجرة من مدرج مطار صنعاء الدولي، الجدل إلى الواجهة في منصات التواصل الاجتماعي، حيث تضاربت التحليلات ما بين التنديد بالقصف الإسرائيلي مع إعادة جماعة الحوثيين المدعومة من إيران تأهيل المطار، بعد أيام فقط من استهدافه وسط مخاطر على سلامة الركاب لكون التشغيل تم في غياب أبسط مقومات السلامة للركاب والطائرات.
وبثّت وسائل إعلام تابعة للجماعة مشاهد تُظهر لحظة انتشال القنبلة التي يرجح أنها أميركية الصنع من طراز "جدام" – قنبلة موجهة عالية الدقة تطلق من طائرات "إف-18" و"إف-35" – وذلك بعد مرور نحو 10 أيام على القصف الذي أخرج المطار من الخدمة بشكل مؤقت.
المشاهد التي التُقطت من قلب مدرج الطيران، لم تكن مجرد توثيق لعملية تفكيك ذخيرة خطرة، بل حملت أبعادًا سياسية وعسكرية ورمزية شديدة العمق، حيث تحوّلت القنبلة إلى مادة ساخنة للنقاش بين النشطاء والصحفيين والخبراء.
الذخيرة: "جدام" ووزنها يقارب الطن
أثارت القنبلة غير المنفجرة – التي يبلغ وزنها نحو 900 كيلوغرام ويصل طولها إلى ما يقارب 4 أمتار – تساؤلات عديدة حول حجم الدمار المحتمل الذي كان يمكن أن تلحقه لو انفجرت بالفعل، وفق خبراء عسكريين تحدثوا عبر منصات التواصل، فإن هذه الذخيرة الهجومية ذات مدى يصل إلى 25 كيلومترا وتُستخدم ضد أهداف ثابتة أو متحركة، ويجري توجيهها عبر نظام ليزري أو نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بدقة متناهية.
ويرى مراقبون أن استخدام هذا النوع من القنابل في قصف مطار مدني يحمل دلالات خطيرة على طبيعة العمليات العسكرية التي تُشنّ على اليمن، ويكشف في الوقت نفسه مدى تعقيد المشهد الإقليمي والدولي الذي تتداخل فيه المصالح والتقنيات والأسلحة المتقدمة.
من التدمير إلى الإعمار.. إرادة سياسية ورسائل إعلامية
وفي تحدٍّ واضح للحصار والتصعيد العسكري، أعلنت جماعة الحوثي المدعومة من إيران عن إعادة افتتاح المطار واستئناف الحركة الجوية، بعد انتهاء عمليات إزالة مخلفات القصف وصيانة المرافق، وبثت مشاهد تُظهر جهود الفرق الفنية في تنظيف المدرج من الشظايا والقذائف غير المنفجرة.
هذه الخطوة لقيت ترحيبًا من أنصار الجماعة الذين اعتبروا إعادة تأهيل المطار رسالة صمود في وجه التصعيد، وتأكيدًا على مواجهة التحديات، في حين انتقد آخرون ما وصفوه بـ"تحويل المنشآت المدنية إلى أدوات سياسية دعائية"، مطالبين بضرورة تحييد البنى التحتية الحيوية عن الصراعات المسلحة.
تفاعل واسع على المنصات.. بين المؤيدين والساخرين
تفاعل المغردون بشكل واسع مع مقاطع الفيديو المتداولة، حيث انقسمت التعليقات ما بين الإشادة بجهود تفكيك القنبلة، وبين تساؤلات حول ما إذا كانت العملية برمّتها تستهدف تحقيق مكاسب إعلامية، في وقت تتصاعد فيه التوترات في المنطقة.
ورأى البعض أن بث مشاهد القنبلة بهذا الشكل يهدف إلى إحراج الجهات الداعمة للهجمات الجوية، خاصة في ظل تأكيدات بأن القنبلة أميركية الصنع، وذهب مغردون آخرون إلى الإشارة إلى احتمال وجود رسائل خفية خلف توقيت الكشف عن المشهد، خاصة وأنه جاء متزامنًا مع تحركات سياسية إقليمية ودولية بشأن الملف اليمني.
خبراء يحذرون من تصعيد جديد
تحذيرات أطلقها عدد من الخبراء العسكريين الذين اعتبروا أن القصف الإسرائيلي للمطار، إضافة إلى استخدام ذخائر متطورة بهذا الحجم، ينذر بإمكانية توسع دائرة الاستهداف خارج نطاق الجبهات التقليدية، كما أن تكرار استهداف منشآت حيوية مثل المطارات يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويهدد بتعقيد المشهد الإنساني في اليمن الذي يعاني من أزمات متراكمة.
ويؤكد مختصون في القانون الدولي أن القصف الجوي الذي يستهدف بنى تحتية مدنية، دون ضرورة عسكرية ملحة، يعد جريمة حرب وفقًا لاتفاقيات جنيف، خاصة إذا لم تُتخذ إجراءات احترازية لحماية المدنيين والمنشآت الحيوية.
الرسائل السياسية: إصرار على كسر الحصار
إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، وفق مراقبين، تُعتبر خطوة سياسية بامتياز، ترسل من خلالها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران رسالة إلى العالم مفادها أن الحصار الجوي المفروض منذ سنوات يمكن تجاوزه، ولو بشكل رمزي أو محدود.