.... من هو الأردني ؟ بحسب التعريف القانوني البسيط : هو كل من يحمل رقما وطنيا ، ويؤدي واجباته ويلتزم بالدستور وبالقانون ، ويحصل على حقوقه كاملة ...
بحسب القانون والدستور ،أنا وزياد المناصير مثلا نمتلك ذات الحقوق وذات الواجبات وذات الهوية ، ولكن زياد أمضى (30) عاما وأكثر من عمره في الإغتراب وحين عاد قام بضخ مئات الملايين في الإقتصاد الوطني ، لم يفتتح حزبا سياسيا ولم يتظاهر أمام الكالوتي ، ولم يحصل على مقعد في مجلس النواب ويشبعنا خطابات رنانة ، ولم يقم بشراء الذمم ولا بالبحث عن وزارة أو وظيفة ..هو جاء للبلد وقام بتشغيل (4000) أردني في مؤسساته ، ولم يستقطب الإعلام ولا يحب الظهور على الفضائيات ، ببساطة كل ما أحضره من عمله في الخارج قام بضخه في البلد ..أيهما أكثر أردنية أنا ؟ أم الذي فتح (4000) الالاف منزل وأطعم أهلها ، دون منة أو تحميل (جميلة) .
صبيح المصري بذات السوية ، بنى الإقتصاد الخاص ، امتلك بنوكا ، حول العقبة لوجهة إستثمارية ، وظف الالاف من أولاد البلد ، أعطى للدولة عشرات الملايين من الضرائب والتبرعات ، أقام مؤسسات ثقافية ...لم يظهر على محطة وطنية نهائيا ، بل قام بأخطر ما قام به الإقتصادي وهو (أردنة) مؤسسات كانت ستذهب للخارج ، صبيح أسس هوية لرأس المال ...كان بإمكانه أن يؤسس أكبر الأحزاب في البلد ، كان بإمكانه أن يبني أكبر فضائية في الأردن ، كان بإمكانه أيضا ..أن يحضر كل محطات البث العربية والعالمية لكي تتحدث عنه ، ولو أنه طلب من أحد أكبر الكتاب العرب أن ينتج فيلما عنه ، فلن يقم أحد بلومه ..لكنه اكتفى بالحياة الهادئة والصمت ، وعاش زاهدا راضيا ..أيهما أكثر أردنية أنا أم صبيح المصري ؟
صبيح المصري وزياد المناصير ، أنتجوا للهوية والمواطنة وللبلد ، أكثر مما أنتجته كل الأحزاب ، الأحزاب لم تطعم الناس خبزا ..هؤلاء أطعموا الناس خبزا ، واعتبروا الأمر واجبا ، ولم نشاهدهم في الإحتفالات الوطنية يوما يتصدرون الكراسي ، لم نشاهدهم يوما يتلقون الدروع والأوسمة ، ولم نشاهد صورهم تعلق على الجدران .
الأردني هو الذي يعطي للبلد ولا ينتظر شكرا ولا واجبا ، والسؤال هل أنا بتعريف الأردني أصل إلى مستوى ما قدم زياد وصبيح ؟ ...
الأردني هو من يقدم للبلد ، والأردني هو الذي لايطلب منة من أحد حين يقدم ..والأردني هو الذي ينظر لأهله وناسه ، هو الذي لا يبني منابر للمعارضة هدفها إنتاج الثرثرة فقط ، زياد وصبيح منابرهم كانت شركات ومصانع وفنادق ..لا لوقت لديهم للثرثرة ...والأردني هو الذي يمضي في الحياة ، دون البحث عن شعبيات زائفة ، هو الذي حين تتعب الدولة يتقدم ...مؤخرا حين قامت البنوك بدعم الدولة بملايين الدنانير كان صبيح المصري أول من تبرع ، وحين هبت أزمة كورونا كان زياد أول من دفع ..
هؤلاء أطعموا الناس الخبز ، وفتحوا البيوت ..لم يوظفوا الأموال في إنتاج الصواريخ ، ولم يوظفوا الناس في الخروج إلى الشوارع ، كان الإنتماء لديهم فقط للتراب والعرش ، لايوجد في قاموسهم تنظيمات أو أحزاب ..يوجد الأردن فقط .
لايحق لأي كان أن يتحدث عن تعريف الأردني ، لأن التعريف القانوني يبقى قاصرا ...
وأعود للسؤال هل أنا الأردني أم صبيح وزياد ...في المقياس المنطقي ، هؤلاء عبروا عن الإنتماء أكثر مني ، عبروا عنه واقعا ..وأنا أنتجت عشرات الألوف من المقالات بمعنى :عبرت عنه بالعاطفة ، لكن في النهاية المعدة لا تحتاج لعاطفة المعدة تحتاج للخبز ...
أتمنى أن أكون قد وصلت لتعريف معنى الأردني ، ومعنى المواطن ، ومعنى العطاء .