يدنو السلام بدنو تلك الأجواء، ويُطّهر كلَّ ما دَنّسهُ الخرابُ بداخلك من قبل الهطول بدقائق، تتعالى صرخاتُ الروحِ طمأنينة، وتتلاشى من حولك الخيبات والآلام والفجوات المتلعثمة، إنه نداء الروح واستجابة السماء، أيُعقلُ تلك الذبذبات الهاطلة وتلك النسمات الباردة التي تلفح وجهك أن تجعل منك تلك اللذة النرجسية العتيقة، يتطايرُ من حولك رائحة ذكية كما التراب مثلاً، لتستنشق منه دون مللٍ أو كللٍ تماماً مثلَ وردة الياسمين، أو حبذا احتساءُ فنجانٍ من القهوة على نافذةٍ ببخار أنفاسك، ولتعلو تلك النداءات وصرخات القلب للرب، كأنما تهطل قطرات المطر، وتفتح أبواب السماء، فتُحدّث نفسك يا رب المطر وقلبي.
تُسقى مهجةُ الروحِ بتلك النسمات العليلةِ، سرٌّ يحاوطُ أسواره رحماتٌ إلهيه تلامس روحك وسماء أحلامك ونداء إغاثتك فتروي بطمأنينة من تلك الرحمة، ذكريات على عتبات تلك النافذة ولا بأس بأن تحظى بسماع بعض من الموسيقى، تلك الذكريات التي تتحدد مع كل قطرة مطر، صافنة في إبداع الخالق، تحدث نفسها متعجبة أو ربما متفائلة أو لعلها خائفة، أيُعقل أن يتبعثر المرء منا بكومة الذكريات تلك والكثير الكثير من المشاعر في لحظة واحدة، في لحظة يدنو كل شيء من سماء أحلامك وحياتك وكل لحظة توقّف فيها الزمن وكل مرة أيقنت أنها النهاية ولم تكن، وكل نفس أوشك على الإنتهاء ولم ينتهِ، يا حبذا تلك الذكريات وتلك الأنفاس وذاك السلام المترنم في وجهه الظلام. كأنما دعاء من السماء بأن كل شي سيغدو حلماً وكأنه لم يكن.