لا يمكن ان تفهم الاساءة للرموز الدينية من باب حرية تعبير، كما لا يمكن ان تفسر انها تاتي من مدخل التعددية، فلا التعددية تجيز الاساءة ولا القانون يبيح التطاول، فان احترام المعتقدات ياتي من احترام القانون الذات، وهذا ما اتفق عليه اجماع الفقهاء في الاعراف السياسية كما في القانون الدولي في صون الحريات، فان استفزاز مشاعر العامة لا يجب حمايته ولا يجوز وصفه الا بالجريمة، وان مسالة احترام الثقافات والحضارات لا ياتي الا باب احترام الفكر الانساني لذات افكاره، ومكانة من اضاف اليه من علوم معرفية قادتنا للاستكشاف او علوم غيبية بينت لنا رسالة الانسان القيمية ومآلاته الوجودية او الغيبية، والتي اتفق عليها الغالب الاعم بضرورة حمايتها وصيانتها، فان اصوات النشاز يجب ان لا يتم حمايتها لا من باب الحريات ولا من مدخل الصيغ القانونية.
وكنت احسب ان يخرج علينا الرئيس ماكرون الذي نحترمه احترامنا للفرنسيين، معتذرا باسم الدولة الفرنسية عن جرح مشاعر مليار ونصف المليار مسلم يحترمون فرنسا ومكانتها ولا يقبلون حتى الاساءة للرئيس الفرنسي وليس فقط لفرنسا، لكن تصرحات السيد ماكرون جاءت سياسية وليست قيمية فاستفاد منها ماكرون انتخابيا واردوغان شعبيا وخسر فيها الجميع قيميا، فان استخدام الاديان في العمل السياسي يعتبر مثلبة يجب التوقف عن استغلالها في استمالة طرف او فئة على حساب اخر، فان العالم بات قرية معرفية صغيرة وهو قادر على القراءة والكتابة كما ان النخب السياسية فيه تستطيع فك شفيرات الاعمال الشعبوية.
ان مسالة التلاعب في المشاعر ستنقل الفعل من رجالات العقل والتعقل الى شجون العواطف والتطرف وهذا ما سيجعل المشهد العام يقودنا ولا نقوده لانه سيصبح حينها مسيطر عليه من القواعد الشعبية وليس في المنازل القيادية الامر الذي يحمل كامل المسؤولية للذي اوصل حال المشهد الى هذا المستوى المتدني والى هذه المنزلة الوضيعة في الاستغلال.
سيد ماكرون لقد وجب عليك الاعتذار اولا للملك عبدالله الثاني لانك اسأت لجده المصطفى والى كل المسلمين والي الانسانية جمعاء، فلقد انتهكت كل الاعراف واسأت لكل القيم بما فيها قيم الحرية، من هنا سيد ماكرون وجب عليك الاعتذار عن هذه التصرفات المشينة والتي ننبذها كما ننبذ الارهاب وندينها كما ندين التطرف.
واضم صوتي لصوت القس سامر عازر في القول، اننا في الاردن كما في منطقة مهد الخضارات نرفض الكاريكاتير المسيء للرسول والشتائم، كما نرفض تصوير تماثيل المسيح بشكل ساخر كما نرفض تشويه وتكسير تماثيل بوذا كما نرفض ان تذبح الابقار امام من يقدسونها ونرفض ايضا ان تطفأ النار امام من يعبدونها، نحن نرفض اهانة المقدسات ليس من منطلق التقديس وانما من منطلق الانسانية ومن منطلق الحفاظ على مشاعر البشر الذين يعتقدون بهذا التقديس، للبيت رب يحمية وللانسانية حكماء يصونونها.