في الاستكشاف نتجاوز التحديات وفي الاكتشاف نعظم الإنجاز، وهي القاعدة السياسية التي تحمل مبتدأ الاستشراف وخبر الابداع، كما تشكل ايضا الاطار الناظم لبرنامج العمل الدائم، الذي يقوم على الاستدراك المنهجي والتعاطي الواقعي والتمايز المعرفي، فمن يحمل رؤية قادر على قراءة ما هو قادم والاستعداد للتعاطي مع مناخاته، ومن يمتلك الافكار الخلاقة قادر على تحويل البيئة الصحراوية الى بيئة زراعية إما في البحث عن ابار ارتوازية او في تحويل مجرى النهر من مسار الى اخر او حتى تغيير ميزان الصناعة المعرفية من واقع لآخر وهو بذلك قادر على فتح صفحة تاريخية جديد يضع فيها رؤيته المستنبطة من افكاره الخلاقة ووسائله الابداعية على الصفحة ومن اول السطر.
فان المعاناة الاجتماعية كما الظروف الضاغطة تعتبر احد العوامل الرئيسية التي تولد الابداع، كما الارادة في ظل الارهاصات الظرفية قادرة على التغلب على اعتى المحن، ومن على هذه الارضية غالبا ما تاتي قصص النجاح، ومن هذه الزاوية يستوجب النظر والبحث عن ضالة الخير التي تنبثق عنها الرؤية وحنكة العمل، فان الموضوعية لا تعني الواقعية المجردة، كما العقلانية لا ترتقي الى مستوى التطلعات دون بصيرة مستشرفة، تغير من المعادلة النمطية السائدة الى معادلة جديدة ذات احداثيات عصرية تستجيب للظروف الناشئة، وذلك من منطلق تفاعلي وليس من ردة فعل ساكنة. فان الظروف التي حولت مجريات التاريخ كانت دائما ظروف استثنائية، وهي المرحلة التي نعيش ظروفها الحالية.
فان الثورة الصناعية كانت وليدة معاناة وفكرة، والثورة المعرفية كانت وليدة هجرات وفكرة، ومن غيروا في مفاهيم المعادلات العلمية غيرها تحت تاثير ظروف ظاغطة وفكرة كما ان معظم العباقرة العظماء كانوا قد ولدوا في اغلبهم من رحم معاناة وفكرة، ومن سيخترع الفاكسين المناعي لكوفيد 19 سيخلد مع العظماء ممن كانوا اكتشفوا الكهرباء واخترعوا السيارة والإنترنت وغيرها من الإسهامات الانسانية الخالدة، كما الذي سيضيف تطبيقا معرفيا للعلوم المعرفية او للقوانين السبرانية ونظم الاحاطة الجديدة سيشكل علامة فارقة تميزه وتميز مجتمعه وتحقق مردودا ماديا وخيرا عليه وعلى مجتمعه كما ستشكل اضافة للعلوم الانسانية جمعاء.
من هنا تبرز اهمية العمل على ايجاد هيئة وطنية للابداع والابتكار تحمل نظما استراتيجية تطال كل المناحي الابداعية بحيث تسعى الى دعم الطاقات الابداعية وايجاد البيئة المتميزة والخلاقة من احل الاستجابة للظروف الظرفية الاستثنائية على ان تقوم هذه الهيئة في البحث عن المبدعين والافكار الخلاقة وتوفير الامكانات اللازمة لصقلها وتهيئة الظروف الملائمة لرعايتها والاهتمام بها، عن طريق استراتيجية وطنية شاملة مقرونة ببرنامج عمل منهجي يراعى فيه المسائل العلمية الابداعية والتطبيقات الذكية كما الانشطة الرياضية والمناحي الفنية، فان العلامة الابداعية وحدها قادرة على انتاج علامة فارقة يمكن استثمارها عن طريق الاستثمار بها، وبما يحقق للاردن المجتمع والانسان، والدولة والمنهج تلك العلامة الفارقة المستحقة حتى تميزه بالانطباع ويمتاز بها عنوانه.