نقش سامر ملحم حلمه ان يصبح محاميا ذائع الصيت يدافع عن الحق وحقوق الفقراء والمظلومين في سن مبكرة من عمره ، لكن شاءت الاقدار ان يبقى حلمه حبيس ثلاثة عقود من الزمن ، بعد ان فُجِعَ في مقتبل عمره بفقدان دفء والده الذي ارتحل دون استئذان الى الرفيق الاعلى تاركا خلفه اسرة كبيرة بحاجة الى معيل يوفر لها مستلزمات الحياة .
يعد الضابط المتقاعد برتبة ملازم اول من الامن العام سامر انور ملحم ، البالغ من العمر واحد واربعين ربيعا اصغر متقاعد عسكري سنا ، يحصل على شهادة البكالوريوس بالقانون بتقدير امتياز وبمرتبة الشرف .
ويقول الضابط ملحم ، رغم قساوة فراق الوالد وتحمل عبء ومسؤولية اسرة كبيرة ، بقي حلمي يعيش بداخلي يوما تلو الاخر ، الى ان تحقق في هذه الايام وحصلت على شهادة القانون ، التي كانت بالنسبة لي انجازا كبيرا ليس من السهل بلوغه الا بالاصرار والجد ، وسط ايام تقاسمت فيها ضنك العمل وحب العلم والمعرفة .
ويسرد قائلا ، ان اولى التحديات التي واجهت براءة طفولتي ، وانا لم اتجاوز عشرة اعوام وكنت في الصف الخامس الاساسي فقدان والدي وغياب المعيل والسند ، فقررت ان اواجه تصاريف الحياة بحلوها ومرها ، وارفض كل معاني العطف وعروض الدعم المادي ، وان اكون على قدر حمل المسؤولية الاسرية والمادية بحكم انني اكبر اخواني وخواتي ، وان اعتمد على ذاتي في تحقيق احلامي في قادم الايام .
ويضيف الضابط ملحم ، بلغت الثامنة عشرة من العمر وانا امتهن الدراسة تارة والعمل تارة اخرى من اجل لقمة العيش ، ففي الصباح اكون طالبا مجتهدا في المدرسة ، وبعد مغادرتي لها اصبح عاملا امينا على متجر للمواد الغذائية ، وفي الليل ابدأ بالمذاكرة واحتضان كتبي تحضيرا لليوم التالي ، واستمر الحال الى ان حصلت على شهادة التوجيهي بمعدل ٧١% عام ١٩٩٧م .
في احياء مدينة اربد الهادئة ترعرع الضابط ملحم بين جمال طبيعتها وناسها وثقافتها حتى بات عشقه لاربد كعشقه لقراءة الكتب وحب امه ، مؤكدا انه استغل كل اللحظات المتاحة له لارتشاف فكرة وقصة من بحور الادب والفكر ، فكان كتابه يلازمه وهو خير جليس له في تفاصيل حياته ، مقتديا بخاله عاشق الصحافة والثقافة والمغرم بقراءة الكتب والمثل الاعلى بالنسبة له .
ويؤكد الضابط القانوني ملحم ، انه واصل اصراره على عدم قبول اي دعم مادي من احد لاكمال دراسته الجامعية ، وقرر الاستمرار بتحمل مسؤولية اسرته ، ولحبه منذ الطفولة بالعمل الشرطي "امن الوطن" وارتباطه بحفظ حقوق وامن المواطنين ، التحق بجهاز الامن العام بعد اعلان نتائج التوجيهي مباشرة وتدرج بالرتب الى ان ترفع الى رتبة ملازم اول ، جاب خلالها اكثر محافظات الاردن ومارس حلمه الجميل في العمل التنفيذ القضائي الى ان احال نفسه الى التقاعد رئيسا لقسم الشرطة القضائية باربد .
مضت الايام والسنين وحلمي لا زال يكبر فيَّ بوتيرة متسارعة كما الدم الذي يجري في عروقي ، وكنت في كل يوم وبحكم عملي في الشرطة القضائية اقترب من حلمي شيئا فشيء ، الى ان جاءت اللحظة التاريخية لاقتنصها والتحق بالجامعة تخصص قانون فور احالتي الى التقاعد بالعام ٢٠١٧م ، وتخرجت منها العام الحالي بمعدل 93,6% " امتياز"وكنت الأول على خريجي دفعتي ، ومنحت درع التفوق الأكاديمي لجامعة عجلون الوطنية ٢٠٢٠م .
رسالتي تحققت بعد ثلاثين عاما من السعي والمثابرة والعمل ، واعتزم قريبا الالتحاق بالتدريب تمهيدا لمزاولة مهنة المحاماة التي ارى نفسي فيها مدافعا ومناصرا ومنصفا لكل من تعثرت به السبل للوصول الى مبتغاه من اجل معيشة يرضى بها الجميع ، الى جانب طموحي في اكمال دراستي العليا بالقانون ، خير الناس انفعهم للناس .