تحية طيبة ملؤها السعادة والمحبة، أزجيها اليكم بصفتي أحد أعضاء المجتمع الانساني الذي تغنيتم به من خلال قولكم المأثور: حفظ الله الانسانية جمعاء..
ومادمت أنا عضواً في هذا المجتمع الانساني فكان لزاماً عليَّ، وعلى من هم على شاكلتي، أن يمتلكوا ولو قليلاً من معالم الانسانية، وابسطها أدب الحوار، والدعوة لكم بظهر الغيب بأن يرعاكم الله..
معالي الوزير..
مازلت أخاطبكم كهيئة إنسانية، تشبهوننا كثبراً، فأنتم تتغذون وتتكاثرون وتأكلون وتتكلمون مثلنا تماماً، والحمد لله لم يصل بي المطاف إلى تأليهكم، أو اعتباركم ملائكة من عمق السماء جئتمونا فاردي اجنحتكم..
معالي الوزير..
يأبى قلمي إلا أن يكتب بلغة أهل الحِراثة والفِلاحة والمِنجل، لغة الطفيلة وماحولها حسب توقيت غابر الزمان، لذا سامحني إن خط قلمي بعض المفردات البدوية صعبة الترجمة في هذا الزمان، لذا كان لزاماً عليَّ أن اضع بين قوسين تعريفاً لكل مفردة تلاشت مع جائحة كورونا، نعم بين قوسين وليس قاب قوسين أو ادنى.
لنبدأ الحوار..
اعترف لك بعيداً عن عيون الشعب إنني اكتب وأنا خائف من ردة فعل المعجبات، وقبضة قانون الجرائم الالكترونية، ذلك القانون الذي مازلت اجهل مفرداته، رغم سهولة التلاعب به، وأنا رجل القانون الذي خاض معترك الحق والعدالة من اوسع ابوابه، وكم تمنيت لوعاد بي الزمان إلى الوراء، لكانت رسالة الدكتوراه عن الجرائم الالكترونية بين النظرية والتطبيق.
معالي الوزير..
اعرف إنني اثقلت عليك بمقدمة ابن خلدون التي بدأت بها، ولايهمني المواطن، وأنا اعرف إنه لايقرأ المقالات الكبيرة طولاً وعرضاً..
خليني اخش في الموضوع..
أول مرة احس حالي جريء وأنا بكتب، لأنني اكتب اليك وأنا على حق وعلى رأي البداوة: الحق وصاحبه اثنين.. ولاتنسى دكتور سعد إنني وصلت إلى مرحلة تساوت فيها عندي الحياة والموت.. يعني (إن شرقت بلحقها وإن غربت ياويلي).
دكتور سعد سمعت قبل أيام، إنك بتوَلوِل، وماكِل حالك ندم على حال إبنك ربي يحفظه ويرعاه، ويبعد عنه أولاد الحرام..
ليش بتوَلوِل وخايف على مستقبله؟ وكِّل امرك لله، واللي بشوف بلاوي الناس بتهون بلواته يادكتور سعد..
راح اسولفلك دقة دقة، بس اتحملني لأنني أقسم بالله العظيم، بأم عيني رأيت الموت بعين أمي بسبب الحكومة التي أنت جزءاً منها..
دكتور سعد..
إبنك الذي تبحث له عن عمل، قد حصل على بكالوريوس في الطب البشري، وأنا لا اعرف إن كان قد درس جوا الأردن أو برا كباقي أبناء الذوات، ومش عارف إذا درس على حساب المكرمة أو على حسابك، كل هاي السواليف مابتهمني، لكن بدي احكيلك إذا ابنك درس طب أنا إبني درس تكنولوجيا كيمياء في جامعة الطفيلة (هاي محافظة أردنية، تقع في جنوب الأردن، سكانها يعانون الجوع والفقر والاضطهاد، بس بسووا حالهم أغنياء حفاظا على كرامتهم)، وابني بعد سنتين من الدراسة ترك الجامعة، بسبب الطفر وقلة الزفر (طبعا الزفر يعني لحم بلدي، مثل اللي بتوكلوه بعد كل اجتماع، واللي احنا بنشوفه في مسلسل راس غليص بس ينادي غليص.. اذبح، اذبح)..
شفت يادكتور الفرق بين إبني وابنك.. مو بس ابني ترك الجامعة ورجع يقرأ كلية، ترى معظم عيالنا هيك..
دكتور سعد..
مؤلم جداً أن تستخف بعقول الأردنيين المحطمين، وأنت إبن العز وإبن الدولة، وتحكيلنا مش لاقي واسطة لإبنك لحتى تعينه في وزارة الصحة..
والك يادكتور بدك واسطة لمين؟ مهو إنت وزير الصحة وإنت اللي بتعيِّن في وزارتك ربنا يباركلك فيها..
وإذا ولا بد اعتبرني أنا واسطة لأبنك، وبروح عليك بصفتك وزير الصحة، وبصفتي مواطن استجدي وامسح جوخ(يلعن ابو الجوخ على ابو اللي بيمسحوه)، وبدفش الباب وبفوت وبترجاك تعيَّن إبنك..
اقسم بالله كلامك بقهر ومرفوض يارجل، وإن دلَّ على شيء فإنما يدل على مدى استخفافك بنا واللعب على عواطف الشعب المسكين..
مو هيك يادكتور.. اقسم بالله مو هيك.. أنت زودتها كثير وأنا بحكيلك وعارف حالي راح أدفع ثمن كل حرف كتبته، لكن مافيه امامي الا اني اصارحك لعل وعسى يحاسبك ضميرك وتبطل تجرحنا بكلامك المؤلم، الذي اصبح اشد وقعاً على نفوسنا من أمر الدفاع ٦.
إذا إبنك مو لاقي واسطة، وأنت مابتوكل ولابتشرب الا في طاسة وحدة مع الرزاز، شو أقول أنا اللي الي ست سنوات ببحث عن حق وعدالة يادكتور سعد.
معالي الوزير..
خليني اصارحك اكثر، واحكيلك إنك اخطأت، واكيد الرزاز لامَكَ واحرجك على عبارتك، والا فحرام يكون رئيس وزراء..
كيف بتقول مش لاقي واسطة لابنك؟؟؟؟
عارف شو معنى كلامك هاظا ياوزير الصحة، وأنت رجل دولة ومسؤول، وكلامك يمثل حال الدولة الأردنية، وأنت تعلم أن عالم السياسة لايحتمل الطرائف والنكت والمزاح..
أنا اعتبر ماجاء على لسانك صحيحاً وهو والله كذلك.. كل الشعب بيعرف ان البلد ماشية عالواسطة ولامكان للكفاءة أو الجدارة، وبيعرف الشعب إنه أمام الواسطة تسقط جميع الاعتبارات، وإن الدولة اللي بدها اياه بتعينه خاوة، غصب عن والدين الشعب، لكن أن يأتي الاعتراف على لسانك وأنت مسؤول كبير، فهذا يجعلنا نعيد حساباتنا ونعتبر ذلك اعترافاً رسمياً من مصدر مسؤول في الدولة الأردنية، ان البلاد تسير حسب الواسطة، فوالله وتالله لو كان عندنا مجلس نواب بمثل الشعب ويمثل الارادة الحقيقية، لاسقط الحكومة خلال اربع وعشرون ساعة.
تصريحكم الخطير حول عدم قدرتكم على تعيين ابنكم، جعلني اجد نفسي ملزماً أن اذكركم بأننا في عصر ظلم عمر بن منيف، وليس في عصر عدل عمر بن الخطاب..
بربكم كيف لنا أن نؤمن ونثق بحكومة تعيش وتتغذى وتتكاثر على الواسطات..؟
هل وصل الامر بكم ان تتغنون وتتفاخرون بالواسطة؟؟؟
يامعالي الوزير..
إن كنت تبحث عن واسطة لتعيين ابنك طبياً في وزارة الصحة سأطرح عليك الاسئلة التالية..
هل تقبل أن يعمل ابنك طبيباً براتب خمسمائة دينار فقط لاغير.؟
هل تقبل أن يعمل ابنك في مستشفى الامير زيد بن الحسين في الطفيلة ويدفع ثلثين راتبه مواصلات؟
هل تقبل أن يعمل ابنك في مشاريع المتعطلين عن العمل كأبناء الطفيلة الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ بداية شهر ثلاثة؟
والسؤال الخطير: هل تقبل ان يعمل ابنك في وزارة الصحة كطبيب عادي شانه شأن أي طبيب أردني، ويترك عمله الحالي؟؟ (طبعاً لاتسألني شو بيعمل إبنك الآن.. ما المسؤول بأعلم من السائل، ولكن الشعب يعلم إماراتها).
لماذا ياوزيرنا تحتقرنا هكذا؟
إلى هذا الحد وصل بكم الاستهانة بنا؟
نحن نعلم جيداً، انكم تعلمون جيداً، اننا نعلم جيداً، انكم عالم آخر غير عالمنا، ولايرضيكم مايرضينا ولكننا نبحث عن حقنا في عالم الانسانية، وهذا الحق يتمثل في العقل الذي كرمنا الله به، لذا حذاري من الاستخفاف بعقول الشعب الذي لولاه لما وصلت هذه الحكومة وسابقاتها الى ماوصلت اليه من الفساد والسلب والنهب والتغول والغطرسة..
معالي الوزير..
أبناءنا مضطهدين ويتساءلون..
هل ابنكم متعطل عن العمل تماماً كحالهم؟
هل ابنكم هذه الأيام يعمل في محلات غسيل السيارات وجلي الصحون كحالهم؟
هل ليل ابنكم كليلهم الحالك؟
والآن يامعالي الوزير، هل أنت مؤمن بما صرحت به حول الواسطة والمحسوبية؟
إذا كانت إجابتكم بنعم.. اليس حري بكم أن تستقيلوا من حكومة أساسها فاسد وبنيانها مهزوم بالواسطة؟
إذا كانت إجابتكم بالنفي.. اليس حري بالحكومة او بمجلس النواب أن يستجوبكم حول هذا الاتهام الخطير للدولة، والذي تمخض عنه قهر الشعب المكبل والمحروم من لقمة العيش، وكل ظنه أن الكفاءة والجدارة أساس المفاضلة؟
تصبح على خير معاليك.. أما أنا فلا اعلم إن كنت سأصبح، فالخير بيننا وبينه جدار حكومي مطلي بعثرات النواب.