لقد أصبحت التقنيات جزءًا من عالمنا، وحاجة من حاجات حياتنا، أجهزة ذكية، ووسائل تواصل واتصال؛ فيها منافع للناس، وفيها مفاسد ومصائب، وآثام وآفات.فهذه الأجهزة الذكية ساحة معركه بين الخير والشر، إن أحسنا استعمالها عادت علينا بالخير، وحققنا بها العوائد المباركة في ديننا وقيمنا وأخلاقنا وتربيتنا، وإن كانت الأخرى فلا تسأل عن أنواع المفاسد، والضياع في الدين والخلق، والأضرار الجسمية والنفسية والاجتماعية.
إن الناس إزاء هذه الأجهزة الذكية والتقنية الجديدة أصنافٌ مختلفة، فمن الناس من ملكت وقته تلك الأجهزة حتى أسرت عقله، وأشغلت فكره، وربما ألهته عن بعض مصالحه، بل ربما أفسدت عليه دينه، وكم هم أولئك الذين يسهرون على تلك الأجهزة سهراً يعقبه نوم وحسرة عن صلاة الفجر في وقتها مع جماعة المسلمين؟ وكم هم أولئك الذين أشغلتهم تلك الأجهزة عن مواصلة حبيب أو قريب، ومؤانسة والد أو والدة حتى غدت بعض الجلسات والاجتماعات اجتماعات مكانية جسدية، والأرواح تهيم في كل واد وترحل في كل اتجاه؟ وكم هم أولئك الذين يستعملون تلك الأجهزة عند حضور الصلاة في المساجد فيحرم نفسه قراءة القرآن وذكر الله في بيوت الله؟ وكم أولئك الذين يستعملون تلك الأجهزة أثناء قيادة السيارة فينتج عن ذلك أنواع المخاطر والحوادث؟
ومن الناس أيضا من فتنته هذه الأجهزة فكانت مصيدته للنظر للمفاتن والعورات، ولسماع الخنى والغنى وما لا يليق، وجرته إلى حيث سعار الجنس وثورة الشهوات، والسقوط في الهوى والحب والغرام والمراسلات الخانعة، فكم أفسدت تلك الأجهزة من قلوب، وأمرضت من نفوس، وأقلقت من أعصاب؟ وكم فشت بسبب تلك الأجهزة من خيانات زوجية، وتدمرت بسببها من حياة أسرية هنية
إن في هذه الأجهزة من المنافع ما لا يمكن حصره فهي لغة العصر الحديث في تحصيل كثير من العلوم والمعارف، وهي وسيلة الإعلام المعاصرة، وهي كما قيل: رفيقُ الوَحدة، وأداةُ الإنقاذ والنجدة، وهي رسول أمين، ينقل الأفكار والمشاعر، ويصل الإنسان برحمه، ويتواصل مع أحبابه، وينشر فيها الخبر الهادف والحكمة والموعظة، وغير ذلك من المنافع المعروفة.
وفي الختام أن هذه الأجهزه في حد ذاتها سلاح ذو حدين أن أحسنت استعمالها فهي لك وان أسأت استعمالها فهي عليك ولاشك بأن العاقل هو الذي يجعل من هذه الأجهزه أداة تعمير وتوجيه وإرشاد إلى ماينفع الأمه.