تشهد عمان هذه الأيام في أوقاتِ رفع حظر التجول المفروض بسبب فيروس كورونا الذي صُنِّفَ كوباءٍ عالمي طال مشارق الأرض ومغاربها، والذي تسبب في شل حركة الناس وأضر بعجلة الإقتصاد الذي يحتاج إلى ردهة من الزمن للتعافي، حركةً نشطَةً في خروج الناس لرياضة المشي أو ركوب الدراجات الهوائية.
بلا أدنى شكٍ أن حالة المكوث في البيت تخلق حالةً من الضجر والممل والكسل، ومن أهم الطرق لتغير الجو هو الخروج للمشي لمسافة معينة أو لركوب الدراجة الهوائية. ولقد بدأنا نشهد ونلاحظ حالياً ظاهرة ركوب الدراجات الهوائية بشكل لم نلحظه من قبل في عمان. البعض قد يَستخدم تلك الدراجات الهوائية للتنقل لمسافات أطول لقضاء حاجة، والبعض الآخر قد يستخدمها كنوع من الترفيه عن النفس والخروج في الهواء الطلق.
ولكن أين مسارات تلك الدراجات وأين هي أماكن السيرِ على الأقدام بأمان؟ في الدول المتقدمة هناك مسارات محددة للمشي وأخرى مخصصة للدرجات الهوائية، والتي قد يستعملها البعض للوصول إلى مكان عمله أو مدرسته أو جامعته أو للتسوق. وفي بعض الدول المتقدمة لا يجد بعض الرسميين مشكلةً في تنقلاتهم باستخدام الدرجات الهوائية غير آبيهن بمركزهم الإجتماعي أو منصبهم الرسمي، بل يَروْنِ في ذلكَ منفعةً صحيةً لهم قبل كل شيء، لا وبل طريقةً أسرع وأوفر للوصول إلى مكان العمل، ولتزاماً للمحافظة على البيئة بتقليل انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي تسبب في اتساع فتحة الأوزون في الجو.
لربما الجواب على السؤال أعلاه يتضمن إعادة النظر في تأهيل أرصفة مدينة عمان الجميلة وإعادة تنظيمها لتصبح عمان أجمل بالشكل والمضمون بشكل يسمح للناس بالمشي عليها أو ركوب درجاتهم الهوائية دون خوف أو خطر. فكثير من الأرصفةِ غير مؤهلة للسير عليها، فبعضها يحتاج لإعادة تأهيل، وصيانة، وإزالة بعض الأشجارِ العائقة لحركة الناس عليها. فهذه الأرصفة وُجدت أصلاً لا للزينة ولا للمنظر، وإنما لاستخدامها من قبل المشاة للسير عليها بأمنٍ وأمان. فأهميتها للمشاة لا تقل عن أهمية الشارع للمركبات، ولذلك يجب أن تكون هناك سياسة اعتناء بالأرصفة أمام كل بيت ومنشأه، وإشراك المواطنين بتحمل جزء من المسؤولية، فهذه مسؤولية وطنية بالدرجةِ الأولى، وتُضفي جمالا أخَّاذاً، بالإضافة إلى تخصيص الرصيف لاستخدامه إما للسير عليها بالأقدام أو للسير عليها باستخدام الدرجات الهوائية.
وأكاد أجزم أن هذه التوصية بتأهيل الأرصفة يجب أن تتبؤأ اليوم سلم أولويات أمانة عمان الكبرى للمحافظة على أرواح الناس وعدم السماح لحدوث أنواع جديدة من حوادث السير يكون ضحيتها المشاة أو راكبي الدراجات الهوائية. فعدم انتظام هذه الأرصفة أو تهيئتها يدعو المشاة وراكبي الدرجات الهوائية للنزول للشارع، مما يعرض حياتهم للخطر بشكل كبير.
فهل تأخذ أمانة عمان بمتغيرات الحياة بعد أزمة كورونا، وتضع خطة وآلية شاملة لتأهيل أرصفة عمان الجميلة لتصبح عمان أجمل، وباشراك وتحميل المواطنين جزء من المسؤولية، فهذه مسؤولية مشتركة!
إن صحة وسلامة حياة المواطن من مسؤولية الدولة أيضاً، ولهذا مردود كبير على الحياة العامة وعلى الإنتاجية والتطور والتقدم والإنجاز. وحان الوقت لننتبه لأهمية رياضة المشي وركوب الدراجات الهوائية لمن أمكنه ذلك.