خلال مقابلة جرت مع العلامة الاسلامي د. راتب النابلسي كان قد اشار على إن ده لا يوجد بما يسمى شر مطلق ، الشر المطلق هو ينافي المنطق الإهي
، فحتى لهذا الفيروس او الغاز او أياً كانت حقيقته ، سواء كان طبيعي او صناعي ، او معدل جينياً أياً كان أصله ، سواء كانت الصين او أمريكا واياً كان مصدره ، سواء كان تسرب ، او تسريب و اياً كانت وسيلته ؛ واياً كان كل هذا الا انه قد اثر فينا بشكل إيجابي ، واثر علينا بشكل فعال .
لا يمكن أن ننكر هذا ... فقد جعلنا نتعاضد في مواجهة ازماتنا واصبحنا صفاً واحداً ، يسغيث فينا القوي ، الضعيف ، والملهوف ، الغني يعطي الفقير ، وحتى الفقير كان يعطي الافقر منه .
أصبحنا قريبين من اسرنا ، لم نعطي لانفسنا مسبقاً تلك الفرصة التي تمكننا من خوض النقاشات الفعالة مع الاسرة وخلق حالة الترابط الحقيقية وليست المرتبطة فقط بدفتر العائلة ، فأصبحنا نرى الاسرة مجتمعة تتحاور فيما بينها على العديد من الامور اهمها " شو الطبيخ بكرة " وليس هكذا فقط فالجميع ايضاً كان يتساعد في ترتيب المنزل ، فكأن ذلك الفيروس وجد لنا حالة من الترابط .
كما أنه جعلنا نحافظ على النظافة والاستمرارية عليها اكثر من كل دروس التوعية التي كانت تطلقها جهات عديدة لم نكن ندري عنوانها ، جعلنا نعلم بأن الاردن فيها الكفاءات الازمة لمكافحة المشكلات المختلفة وإدارة الازمات الكبيرة .
جعلنا نعلم بأننا نملك وزارة صحة ، تهتم بالصحة ، ووزارات عدة تهتم بالأفراد حقاً ، جعلنا نرى بأن قدراتنا لا محدودة مقارنة ب مقدراتنا ، كما انه أكد لنا بأن العنصر البشري او أغلى المقدرات الوطنية .
وتوضح لنا بأن الشعب واعٍ جداً ، الا ان هناك من يهوى التغريد خارج السرب دائماً .
توضح لنا بأن الوعي المجتمعي هو درهم الوقاية الذي ذكره المثل الذي ينتهي بقنطار علاج .
توضح لنا بأن الطاقات الابداعية المكبوتة قد تصل إلى ما يفوق عنان السماء .
توضح لنا بأن هناك العديد من الاصوات الجميلة لدى المواطنين إبانن غنائهم من الشرفات .
وليس هذا فقط ، حتى إن شعبنا ورغم اختلافاته المستمرة الا انه اتفق على ضرورة الالتزام ، واتفق على اهمية توحيد الفكرة الوطنية ، حتى اني لم أعهد محاربة ورفض للشائعة مثل تلك.الايام .
اظهرنا تكافلنا الاجتماعي بكافة الاشكال والصور ، كان لنا فرصة بأن نرى افراد الجيش العربي البواسل ونحن مطمئنين على انهم متواجدين لأجل حمايتنا من لؤم انفسنا ، ليس من اجل تخويفنا او ترويعنا ، كان لنا الفرصة بأن نرى الاجهزة الامنية بكافة مندرجاتها متحدة في الميدان لتكسر حصار التمرد وتقي الاردنيين شر أنفسهم .
عرفنا التاجر الجشع ، وعرفنا ابن الوطن ، وعرفنا المستهتر وعرفنا الواعي وعرفنا القامة وعرفنا المتسلق ، عرفنا من يعمل للشعب ، ومن يعمل للشعبوية .
عرفنا إن المظاهر الجياشة ، والتمنظر بقصد التفاخر ما هو الى ظاهرة يمكن الاستغناء عنها ، وإن مناسباتنا إذا ما اردنا ستمر دون كل ذلك التهويل والتضخيم بها سواء فرح او عزاء .
حسسنا بقيمة الصفر ، ووجدنا بأنه الرقم الاعظم ، وراجعنا منظومة الاعداد لنجد بأن العدد الأقل هو اكثر من العدد الاكثر ، والعدد الصغير بعقولنا وعواطفنا اكبر من العدد الكبير .
كما ان المادة السادسة من الدستور الاردني والتي تُعنى بموضع المساواة ، قد تحققت بحذافيرها وتفاصيلها وتدقيقاتها ، فالجميع كان له نفس النصيب من الاجراءات ، الغني والفقير ، الضعيف والقوي . في البيت ، ونفس التعامل .
رأينا بأن اعلامنا واضح ، ومتحدثنا الاعلامي رائع ، وان الشائعة عنصر رائج .. ومع ذلك كانت وحدة الشعب ووعيه أقسى الضربات التي أُلقيت على ارادت من لا يريد للوطن بأن يُمسي أمنّاً .
علمتنا الظروف تلك ان نعمة الحرية التي كنا لا ندركها اعظم النعم ، وإن حالنا رغم ظروفنا كان لا بد ان نعي بأنه نعمة ايضاً .
علمتنا الظروف بأننا نملك عقول تملك أرادة تمخر بنا عنان السماء ، علمتنا إن الكفاءات التي لدينا قادرة ان تتجاوز حدودنا الابداعية .
علمتنا بأن علاقتنا مع الله ينقصها التقرب ، وإننا عاجزين امام رحمته ، وان العظمة التي يدعيها الانسان مهما كان مركزه لا يعدو اكثر من جسد يخشى اصغر الكائنات .
وبعد ذلك كله ، تعلمنا عن أنفسنا اكثر ، وعرفنا بأن داخلنا طاقات إبداعية كامنه لا بد ان نفرغها ونستغلها ونستثمرها ونطورها ، اكتشفنا بان لدينا قدرات اعظم من تلك التي كنا نعلمها عن انفسنا ، اكتشفنا عن انفسنا ما كانت تغمغمه علينا مشاغل الحياة الروتينية ، لذا ليس كل ما نراه هو سلبي بالمطلق .
ولابد ان اعول عليكم بفكرة إني هنا لا ارى بأن الحال هو شيء محبب ، لكن ما اعول عليه هو بأنه حتى ولو في زخم المصائب قد يتولد لدينا العجائب ، وإنه في أوج السلبية قد ينعكس علينا نبراس نورٍ من الايجابية .
لذا نحمد الله على كل حال ، ونسأله ان تزُال عنا تلك السحابة التي لا ننكر بأنها قد اضاقت من حالنا حال ، وان يحمي ويشفي ويرحم البشرية جمعاء ، ويمسي الاوطان العربية بخير وقوة وإستقامة .