بعد أن تفشى فايروس كورونا في العالم وصنف كجائحة، قامت كل دولة باغلاق حدودها ومنع تصدير انتاجها الوطني حماية لمصالحها ولاسواقها ولتامين احتياجاتها الخاصة.
وبهذا الاغلاق وهذا المنع، سقطت اكذوبة انتشرت على مدار سنوات، هي ان العالم قرية صغيرة. وسقطت معها اتفاقية التجارة العالمية وظهر بوضوح وبشكل بارز، ان هذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات الجمركية وتسهيل التبادل التجاري، لم تكن سوى خدعة استعملتها الدول الكبرى لفتح المزيد لها من الاسواق الاستهلاكية وتسهيلا لترويج بضائعها ومنتجاتها وخدماتها، مستعملة هذه الاكذوبة وان العالم سوق واحد وقرية واحدة.
لقد كشفت هذه الجائحة حجم الوهم وحجم الضرر الذي ألحقناه بصناعتنا الوطنية من اهمال وتضييق وتطبيق قواعد منع الحماية الوطنية، وتركناها تصارع وتنافس الشركات العالمية العملاقة دون دعم او مساندة، فتآكلت وانهارت قدرتها التنافسية وتعرضت لخسائر هائلة أدت إلى إغلاق العديد منها.
هل لدينا صناعة وطنية تسد احتياجاتنا لو طالت عمليات اغلاق الاسواق والحدود، ومنع تصدير كل دولة لموادها الضرورية لمجابهة هذه الجائحة ؟
هل سنبقى نعتمد على المخزون المستورد فقط؟ وكم سيكفي هذا المخزون ؟ وهل نعرف وقتا محددا لزوال هذه الغمة ؟
على دولتنا الاردنية اعادة صياغة كافة التشريعات والاجراءات التي تكفل وتدعم الصناعة الوطنية، التي هي احد عناصر المنعة والقوة والصمود.
علينا تقديم دعم حكومي لصناعتنا الوطنية، وتعزيز قدرتها التنافسية وعلينا الانفاق عليها من اجل استدامة وصمود هذه الصناعة مهما وصلت كلفة انتاجها، لكونها مصدر أمن وطني وحماية وطنية وعنصرا وجودية. ولولا صناعتنا لسقطنا في ويلات وجحيم هذه الجائحة.
أبرز سمات هذا الدعم هو تقديم رواتب الموظفين خلال فترة الحجر والاغلاق من قبل صندوق الضمان الاجتماعي.
على الحكومة اتخاذ قرار جريء بدفع رواتب كافة المشتركين بالضمان الاجتماعي كبدل تعطل، وهذا شكل من اشكال الدعم غير المباشر للصناعة الوطنية، اذ لا يمكن في ظل هذه الظروف الصعبة تكبيد الشركات والمؤسسات رواتب موظفيها رغم تعطلها، ان دعم الصناعة واجب وطني والتخفيف من اعباء هذه المرحلة ضرورة مصيرية فهي تعيش الكفاف ولابد من صرف رواتب عمال المؤسسات التي تعطلت وتوقف انتاجها كافة.
اما الشركات والمرافق التي استمرت بالعمل مثل شركات الكهرباء والاتصالات وغيرها فلا خوف عليها.
الخوف على من توقف إنتاجه فهو بين خيارين اما الخصم على العمال المساكين الذين لا تحتمل ميزانياتهم الخصم، او الاغلاق او التعرض لخسائر ترهقها، مع العلم ان العمال غير المسجلين في مؤسسة الضمان الاجتماعي قد تقدموا بطلبات الدعم المخصصة لعمال المياومة المتضررين من حظر التجول ووقف كافة الاعمال.
ولا تقل الزراعة شأنا عن الصناعة فعلينا حماية المزارعين ودعم الزراعة الوطنية، التي بها تزداد قوتنا وعزتنا ومنعتنا بكافة الطرق والوسائل الممكنة.