2025-06-03 - الثلاثاء
انطلاق ملتقى "الطموح والمستقبل" في الجامعة الأردنية ضمن فعاليات الاستقلال nayrouz جدة تشتعل بحفل "نوستالجيا فورها".. ليلة ذهبية تجمع نجوم الزمن الجميل في جدة سوبر دوم nayrouz ابورمان تفتح جدارية "استقلالنا عز وفخر وكرامة و وصايا " في مدرسة عائشة أم المؤمنين الأساسية المختلطة nayrouz "التدخين يلتهم الأردن": نصف السكان مدخنون وأطفال دون الـ 15 عاماً في دائرة الخطر .. والأطباء يدقون ناقوس الكارثة الصحية nayrouz 1691 اعتداءً نفذها الاحتلال خلال شهر أيار الماضي بحق الفلسطينيين nayrouz رحيل سيدة المسرح العربي سميحة أيوب عن عمر 93 عامًا بعد مسيرة فنية حافلة nayrouz اتفاقية ائتلاف أردني مصري لتنفيذ مشروع تخزين الغاز المسال في العقبة nayrouz أوقاف الرصيفة تحدد 26 موقعا لمصليات عيد الأضحى nayrouz زلزال تركيا: طفلة تفارق الحياة رعبا و69 مصابا nayrouz "ماسح الأحذية" في كتارا شراكة ثقافية تُرسّخ موقع قطر في المسرح العربي nayrouz الشقيرات يجتمع بالكوادر العاملة بامتحان الثانوية العامة nayrouz المنتخب الوطني لكرة السلة بمعسكر مشترك مع بيلاروسيا استعدادا لبطولة سويسرا nayrouz ورشة متقدمة لتركيب الشبكات لحالات القلب المعقدة في مستشفى الجامعة الأردنية nayrouz صراع بين حكومة بريطانيا وأبراموفيتش.. لمن تذهب المليارات؟ nayrouz الضريبة: لا استثناءات من نظام الفوترة ولا اعتماد للفاتورة الورقية nayrouz ملتقى سيدات الأعمال يطلق منصة مجانية للإقلاع عن التدخين nayrouz قبيل عيد الأضحى.. ارتفاع الطلب على الدينار الأردني nayrouz مشروع الهدي والأضاحي يُعلن جاهزيته بطاقة تشغيلية تفوق مليون رأس خلال ٨٤ ساعة nayrouz عصام الشوالي معلقاً على مباراة الأردن وعُمان nayrouz العجارمة تكرم الطالب المتميز توفيق الجلاد nayrouz
وفيات الاردن ليوم الثلاثاء الموافق 3-6-2025 nayrouz وفاة رائد جمارك محمد غسان المبيضين اثر نوبة قلبية مفاجئة nayrouz وفاة الحاج طه "مصطفى وهبي" التل شقيق الشهيد وصفي التل nayrouz عبد الكريم راشد راكان الدغمي " أبو محمد" في ذمة الله nayrouz التاجر الحاج ياسين الخليل "ابو خليل الزيتاوي" في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 2-6-2025 nayrouz رئيس بلدية الظليل ينعى والد الزميلة ناديا راجي مرعي nayrouz وفاة الشاب محمود علي عبدالرحمن الحياصات "ابو معاذ" nayrouz وفيات الأردن ليوم الأحد 1 حزيران 2025 nayrouz الطب الأردني يُنكس رايته.. الدكتور موفق خزنة كاتبي في ذمة الله nayrouz الشاب أسامة خالد شعلان في ذمة الله nayrouz مديرية أوقاف عمان الثالثة تنعى المؤذن محمد أحمد طلاق nayrouz وفاة الشاب الدكتور مشير حماد الكوز عن عمر يناهز 38 عاما nayrouz وفيات الأردن اليوم السبت 31 أيار 2025 nayrouz الحاجة يسرا أحمد مصطفى خريسات في ذمة الله nayrouz الحاج حمدان ثاني الفريوان الجبور في ذمة الله nayrouz وفيات الاردن ليوم الجمعة الموافق 29-5-2025 nayrouz شكر على تعاز من آل اليحيى وآل العلي nayrouz الحاج مدالله سليمان عبد العزيز اللصاصمه " ابو عاطف" في ذمة الله nayrouz شكر على تعازي من عشيرة الخليفات nayrouz

السرحان تكتب : عجايب وبيدر التبن

جميله السرحان
نيروز الإخبارية :
نيروز الاخبارية :
جميلة السرحان

عند مغيب الشمس يجهز والد عجايب دابته ، وقد وضع عليها ( وِثارتِها) وقام بشدّها وربطها جيدًا وفوقها وضع (الخُرج) وهو كيس متطاول ذو فتحتين متقابلتين مصنوع من القنب ، أو الكتان يوضع على ظهر الدابة ، وتوضع فيه المواد والأدوات الصغيرة وغيرها ، وهو على أنواع عديدة ، منه الصغير الذي يحمل على الكتف ، ومنه من الخيش الرقيق ، ومنه السميك المنسوج وله عروات يدكك فيها حبل لغلق فتحاته ، وله شرابات تتدلى منه وهي التي يذكرها المثل الشعبي: شرابة خرج. 
 وقد وضع أبو عجايب في أحد جيوبه طعامًا له وابنته عجايب والآخر وضع فيه (قربه ماء) ، ثم قام بوضع (تبانيات الخيش) مطويات فوق بعض ، ثم اركب ابنته من فوقهم وسارا وقد أدمس الليل ، لكنّ قمر الحصّادين يرافقهم وينير لهم دربهم ، وأبو عجايب يحدو :
يا يمه غدي مهيرتي ...لاكبر وانا خيالها
لاشري لها شرشف حرير ...ريش النعام اظلالها
يا بيت يلي على الطريق...صفي مقاور خيالنا
وانت غواكن شعركن... واحنا غوانا اخيولنا

ويا شيخ ما جنّك علوم عن عركة صارت شمال
تعلّقت قبل الضّحى وما فكها كود الظلام

إلى أن وصلا البيدر الذي أنهت ( الدّرّاسة) دِرَاسته وأصبح التبن جاهزاً للتعبئة ، فأنزل أبو عجايب إبنته وكانت ابنة الحادية عشرة سنة ، ثم أنزل التبانيات وخيطان ( المصيص) المصنوعة من الخيش وفي وسطهم (المخاط او المَسَلة) التي سيخيط بها تلك التبانيات ، ثم أنزل (الخُرج) جانبًا ، وربط دابته في مكان قريب منهما ، فيه شي من بقايا الحصيد .
ثم تناول أبو عجايب أحد التبانيات ووضعها بالقرب من البيدر وابنته عجايب تمسك له طرف (التبانيه) من الجهة الأخرى فأخذ يملأها بالتبن بكلتا يديه ، ففعلت عجايب بيديها الصغيرين كما يفعل والدها إلى أن تنتصف (التبانيه) ثم يرفعانها ويقومان بتعبئه التبن في كيس آخر من الخيش وتفريغه في التبانيه الى أن تمتلئ. والتبانية هي عبارة عن خـيشه وهي كيس قنب كبير (عدل) ، أو عدة أكياس توصل مع بعضها ، لها فتحة في الأعلى تستخدم لتعبئة التبن لنقله من البيدر ، ثم يخاط فمها. 

وعند تعبئتها بالتبن تصبح سمينة جدًا ، مدورة الشكل مرتفعة لا تستطيع عجايب الوصول إلى فوهتها ، ثم يقوم أبوها بوضع القطعة العلوية من التبانية وخياطتها (بالمخاط او المسلّة)  باستعمال خيطان (المصيص) ويشدّها جيدًا لئلا يتسرب ما بداخلها من التبن ، من أي فتحة وذلك بخطوط متقاطعة.
إذ سيتم تحميلها بعد ذلك على الدواب الحصان أو الحمار أو البغل ويُحمل بعده طرق منها :
الظهارية : وتسمى الِجْلال أيضا هي أبسط طرق حماية ظهر حيوان النقل .
والحِلس : وهو أكثر سماكه من الظهارية.
والحمّالة: وهي أداة مصنوعة من الخشب توضع فوق الظهارية وعلى منتصفها على شكل اشبه ما يكون بأشارة (x) وهنا وقد يحمل الحيوان كيسين (تبانيين) على جانبي الحمّالة أي جانبي الحيوان، ويوضع كيس ثالث في الفتحة فوقهما ، ثم يتم "تحبيلهما" بحبل لتثبيت الأكياس (التبانيات) على ظهر الحيوان.

أمّا عجايب ووالدها فبقيا لساعة متأخرة من الليل في تعبئة التبن ، وهو يهيجن :
هبّ الهوا يا ياسين يا عذاب الدارسين..
يا عذابي معاهم ضوء القمر طالعهم..
طالعهم ويلاليهم     وايشلع طواقيهم..
يا حمرا يالواحه     لونك لون التفاحه..
تشجيعاً وتعزيزاً لنفسه ولابنته إلّا أنّ النعاس يغلبُها ، مع ذاك القمر الذي أخذ يكسو السنابل أثوابه الفضية ، فيأخذها أبوها بالقرب من تلك (التبانيات ) ويغطيها بفروته ، ويبقى مستيقظاً ويحشو التبن بتلك الأكياس الكبيرة. 
وقد أقبل نسيم الفجر الذي أخذ يداعب وجنتي عجايب فتستيقظ وتفرك عينيها من النعاس ، وتنظر فإذا بالبيدر قد بقى منه القليل ، فتنهض لمساعدة والدها ، ومع أولى خيوط الشمس كانا قد أكملا تعبئة بيدرهم ، فأخد أبو عجايب يخيط ما بقى من التبانيات وعجايب تُحضر له خيطان ( المصيص) إلى أن انتهيا .
 فتنظر عجايب إلى تلك (التبانيات) وكأنها أعمده جرش العملاقة التي صنعها الرجال الأوائل ، فتتنسم عبق التاريخ والحضارة المشرقة ، وتلتف حولها وتقول في نفسها : كيف سنحملها ، إنّها كبيرة جدا؟
ثم تدور وتدور وتنظر للسماء فإذا بطيور الصباح قد أخذت ترفرف هنا وهناك مغردةً ، وكأنّها تشكر خالقها على هذه النعم ، وتدعو كل متأمل ناشد للسكينة ، فتغريداتها تجاوب همسات الريح وتصافح سنابل القمح فقد وهبتها أعشاشًا لصغارها ، إذ سلِمت من أيد البشر فلا ضغينة ولا حرمان هنا.
فتقول في نفسها : حلقي يا طيوري وخذي معك روحي إلى حيث لا حدود ولا قيود ، خذيها إلى حيث لا تغرب شمس الأمل وضياء الحياة .
فيناديها أبوها وقد أشعل نارًا ووضع عليها إبريقًا من الشاي ، وجاء بطعامهما من ( الخُرج) فكان خبز الصاج والسمنة البلدية وقليلٌ من (القِطِيع) وهو لبن الكيس ، فجلسا وتناولا فطورها مع أولى خيوط الشمس الذهبية ، ثم جهزا دابتهما وعادا إلى بيتهما ، ليرعى أبو عجايب أغنامه ، وتساعد عجايب أُمها في البيت.
 ثم يعود  في الظهيرة أبو عجايب مع أحد جيرانه لنقل (التبانيات ) على ظهر الدواب.

 تمر السنون بعجايب وتصبح إبنة الستة عشر عامًا ويكبر إخوتها ، وعند الحصاد وجمع التبن من البيادر ، يأتي أبوها بعربة يجرّها حصانان ، ذات صندوق وحواف مرتفعة على الجانبين ، مركبٌ على أربع دواليب كبيرة ، وتغلق من الامام والخلف ببابين متحركين.
 ‏لجمع التبن وقد غطوا جوانب العربة من الداخل بقطع من الخيش لئلا يتسرب شيئًا من التبن إلى الخارج من أحد شقوق العربه الجانبيه ، فتقوم عجايب وإخوتها بتعبئة العربه بالتبن باستخدام (الشواعيب) إلى أن تمتلئ فيذهبون بها إلى ( خان التبن) وهناك لابد من تواجد أحدهم بداخل الخان ليدفع التبن إلى الداخل وإثنان في العربه ينزلان التبن ، فكانت عجايب هي الكبرى ، فتدخل داخل الخان وتدفع باستخدام (الشاعوب) التبن إلى داخل الخان إلى أن يرتفع شيئًا فشيئًا إلى سقف الخان وسط غبار رفع التبن وغبار انزاله من العربة ، وقد تلثمت بشماغ لإبيها وآخر قد حزمت به وسطَها ، حتى تبقى شديدة الجسم قوية. 
ما يهمها كان أن تريح والديها المشغولين بأعمالٍ كثيرة من هذا العمل المضني ، وأن تنهيه بأسرع وقت ، فحين ترمي بالتبن بالشاعوب للأعلى ، يجول في خاطرها تلك المعارك التي خاضتها المرأة في الإسلام ، والتي كانت تحمل السيف وتحارب في سبيل اللّه ، فتقول في نفسها : كنّ النساء يحاربنَ ونحن ماذا فعلنا ؟ ، فتدفع بشاعوبها وكأنّها تدفع بشعوب الأرض جميعًا إلى التحرر والحرية ، وحين ينتهي حملُ العربة تخرج من الخان فإذا بعيونها لا تُرى من غبار التبن ، وتأخذُ تلتقطُ أنفاسها شيئاً فشيئاً ، ثم تصعدُ في العربة ويعودون مرةً أخرى لاستكمال تعبئة بيدرهم من التبن ، وفي هذه اللحظات تستنشقُ عجايب الهواء الطلق الذي غاب عنها وهي داخل الخان فتشعرُ بلذةٍ لا شبيه لها. 

وقبل أن ينتهي موسم جمع التبن بقليلٍ وفي منتصف ليل إحدى الليالي ، تسمعُ أم عجايب صوتًا غريبًا ، فتُسرع واذا بعجايب قد ضاق تنفسها ولم تستطع الكلام ، فيُسرع أبوها إلى أحد المزارعين المجاورين لهم فيحملانها بتلك العربة الزراعية ليذهبا بها إلى طبيب القرية. 
 العربةُ تسير عبر ذاك الطريق الصحراوي المتعرج الوعر ، وعجايب يضيق نَفَسها شيئًا فشيئًا ، ووالدها يحملها في حضنه وجسدها ينتفض كعصفور سقط بالماء ، ولا يعلم لذلك سبيلاً ، ووالدتها تبتهل إلى اللّه وسط دموعٍ أغرقت وجهها بأنْ يحفظها ويشفيها ، وهما لا يعلمان ماذا حلّ بها؟. 
وهناك عند الطبيب يسرع أبو عجايب ويطرق باب منزله الخشبي بشدّة وهو ينادي ويصرخ حتى جاء الطبيب وفتح لهما الباب ، فأدخلها ووضعها على السرير ، حينها شعر أبو عجايب أنّها سكنَت فارتعش جسده خوفاً ، فجاء الطبيب ووضع أذنه ليفحص نبضها فإذا بها قد صمتت عن الحياة ، فجثى أبوها على ركبيته اللتين لم تستطيعا حمله ، ويا لوجع أمّها التي ارتمت عليها تقبّلها وتصيح من قلبها ودموعها أغرقت جسدها ، وهي تنشجُ وتقول :( يا ضي عيني يا ضي عيني ، رحمتك يا ربي ). 
 ويا وجع أبوها الذي عاد يحملها في صمتٍ أبدي ،  وصورتُها وهي تصعد لأعلى (تبانيات) التبن وتحاول خياطتها من الأعلى( وشلبكتها) حتى شلبكت يديها الصغيرتين بتلك الخيوط ، في تلك الليالي الحالكة لم تفارق مخيلته أبدًا .
whatsApp
مدينة عمان