في وقت أكدت فيه وزيرة الدولة لتطوير القطاع العام بدرية البلبيسي لـ"الغد"، أن التحديث مسؤولية مشتركة، ونجاحه يقوم على تكامل المعرفة والخبرة والعمل المؤسسي، أكد مختصون في شؤون الإدارة، أن ورش العمل حول البرنامج التنفيذي الثاني لخريطة طريق تحديث القطاع للأعوام 2026- 2029، التي انطلقت أول من امس في رئاسة الوزراء، تعد حجر الزاوية في النهوض بتطوير خدمات القطاع العام، شريطة أخذ المسؤولين بزمام الأمر بحزم عند تطبيق التوصيات والرؤى التي ستخلص إليها الورش.
واعتبر خبراء، أن تطوير القطاع العام، قضية اقتصادية وليست إدارية، تعنى بتخفيض الإنفاق الجاري الكلف الرأسمالية.
وأشاروا إلى عدم قدرة القطاع العام على تقديم الخدمات المطلوبة منه، لافتين إلى أن ذلك مرده تضخم القطاع، وتراجع القدرة التمويلية للدولة، وارتفاع عجز الموازنة العامة وتزايد حجم الدين العام، وبالتالي تراجع مستوى الخدمات للمواطنين وضعف إنتاجية المؤسسات العامة.
ولفتوا، إلى ما يعزز مسيرة الحكومة لتطوير مكونات التحديث، يكمن في استشارة خبراء ومختصين من خارج إطار المسؤولين الذين هم على رأس عملهم، حتى تظهر الآراء المستقلة والتقييمات أمامهم، عبر إجراءات يمارسها مسؤول، يحاول تغطية بعض النواقص أو القصور.
تطوير القطاع العام أولوية
وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر مدادحة، قال إن الأردن تبنى منذ سنوات عديدة، نهجا تطويريا في المجالات الاقتصادية والإدارية والسياسية، وقد منح تطوير القطاع العام أولوية كبيرة ضمن التطوير الإداري الشامل.
وأضاف المدادحة، أن تطوير القطاع العام ليس عملية تقييم فقط، بل هو قضية اقتصادية وليست إدارية تقوم على تخفيض الإنفاق الجاري، وخفض الكلف الرأسمالية، بحيث ينفذ القطاعان الخاص والعام المراقبة والإشراف عليه.
وأشار إلى أن أهمية ذلك، تبرز لعدة أسباب، منها عدم قدرة القطاع العام على تقديم الخدمات المطلوبة منه بالمستوى المطلوب والمرضي للمواطنين، نظرا لتضخمه وتراجع القدرة التمويلية للدولة، وارتفاع عجز الموازنة العامة وتزايد حجم الدين العام، ما أدى لتراجع مستوى الخدمات للمواطنين وضعف إنتاجية المؤسسات العامة، فتبنت الحكومات برامج تطوير عديدة للقطاع، لرفع سوية أدائه، بحيث يصبح أكثر مؤسسية وتعاونا مع القطاع الخاص، وتفعيل دوره في التنمية الاقتصادية.
وأضاف أن ضعف معدلات النمو الاقتصادي من أهم أسباب ارتفاع معدلات البطالة، التي يعد ارتفاعها مؤشرا على ضعف النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أننا نحتاج لتحقيق نسب نمو لا تقل عن 7 % لتخفيضها، كي تستوعب الأعداد الكبيرة لمن يدخلون للبحث عن العمل سنويا.
ورش عمل لتشخيص الخلل
أكد مدير عام معهد الإدارة العامة السابق راضي العتوم، أن الأردنيين ينتظرون نتائج أعمال وإنجازات خريطة تحديث القطاع العام عاما تلو الآخر؛ ذلك لأن الإدارة العامة عطشى لبزوغ شمس جديدة للتطوير وللتحديث.
وأضاف العتوم، انه منذ العام 2022 والمواطنون يتابعون ما يقوم به قادة الدوائر العامة وغيرها، لتلمس شيئا من التطوير الذي تعلن الحكومات المتعاقبة عنه، ولمسه على أرض الواقع، وبرغم أننا لا ننكر على الحكومات النهوض بمسيرة التطوير والتحديث، لكننا والمواطنون عامة، نتطلّع لمزيد من التقدم الذي يلامس حاجات الوطن.
وقال إن ما يعزز مسيرة الحكومة لتطوير مكونات التحديث، هو استشارة الخبراء والمختصين المحليين من خارج إطار المسؤولين الذين هم على رأس عملهم، لتظهر الآراء المستقلة والتقييمات أمامهم، عبر إجراءات يمارسها مسؤول، يحاول تغطية بعض النواقص أو القصور.
وأضاف العتوم، أنه بعد هذه المرحلة، يأتي دور عقد ورش العمل والندوات لتشخيص مواطن الخلل، ومناقشة المقترحات والحلول والبدائل، لبلورة الرؤى المستقبلية الدافعة للتطوير والتحديث، وتفادي مواطن المخاطر، والنهوض بالتنمية والتطوير للإدارة العامة، لخدمة الأهداف الاستراتيجية للحكومة وللدولة.
وأضاف أن الورش، هي الشاشة التي سيعرض عليها ما يجري تحليله واستخلاصه والتوصية به، وما سيجري التوافق عليه من الأطراف الاستشارية كالخبراء وأهل الرأي والمعرفة، وطرف من المسؤولين الذين هم على رأس عملهم؛ لتكون الحلقة مكتملة، إذ يتعين على أصحاب القرار بعد التوافق على المستجدات والمقترحات، تطبيقها في مؤسساتهم التي يترأسونها.
وبين أن ما ستتناوله ورشة العمل فير الأيام الثلاثة، يعد حجر الزاوية في النهوض بتطوير خدمات القطاع العام، شريطة أن يترافق ذلك مع إدراك المسؤولين بضرورة الأخذ بزمام الأمر وبحزم في تطبيق التوصيات والرؤى التي ستخلص إليها الورشة.
التنفيذ وملامسة الأثر من جهتها، أكدت البلبيسي أن التحديث مسؤولية مشتركة، ونجاحه يقوم على تكامل المعرفة والخبرة والعمل المؤسسي. مبينة أن الحكومة أطلقت في المرحلة الماضية البرنامج التنفيذي الأول لرؤية التحديث الإداري، وحققت عبره تقدما ملموسا على مستوى مكوّنات خريطة التحديث، مبينة أن هذا التقدّم، انعكس على تحسّن المؤشرات الدولية التي اعتمدت لقياس الأداء؛ ما يؤكد أن المرحلة الأولى نجحت بوضع الأساس الصحيح لتحديث إداري مستدام قابل للقياس.
وبينت البلبيسي أن الانتقال من مرحلة التأسيس إلى البرنامج التنفيذي الثاني، وعنوانه: التنفيذ وملامسة الأثر، بمكون الخدمات والإجراءات الحكومية والبيانات والتقنيات الناشئة، يشكل محطة في مسيرة التحديث. فهذا البرنامج ليس عرضاً للمخرجات فقط، بل منصة للحوار، ولتحديد الأولويات والمشاريع، ولإيجاد مساحات عمل مشتركة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والخبراء.
وأكدت أننا أمام فرصة حقيقية لتعزيز كفاءة القطاع العام، وتحسين الخدمات، وتمكين المؤسسات، وإحداث الأثر الذي يتطلع إليه المواطن.
وشهد مقر رئاسة الوزراء أول من امس، انعقاد أولى ورش عمل حول البرنامج التنفيذي الثاني لخريطة طريق تحديث القطاع للأعوام 2026- 2029، والتي تنتهي اليوم، بمشاركة خبراء ومختصين من القطاعين العام والخاص؛ لمناقشة البرنامج المنوي الإعلان عنه الفترة المقبلة.
وقد افتتحت البلبيسي أولى الورش، التي تتحدث عن مكون الخدمات والإجراءات الحكومية والبيانات والتقنيات الناشئة، ثم تلتها جلسة امس بعنوان "مكون الحوكمة والبيئة التنظيمية ومكون الموارد البشرية والقيادات ومكون الثقافة المؤسسية"، على أن تختتم الورش يوم الأربعاء المقبل بجلسة" مكون السياسات والتشريعات ومكون كفاءة الإنفاق".
وكانت رئاسة الوزراء، عقدت سبع جلسات نقاشية للتحضير للبرنامج التنفيذي الثاني لخارطة طريق تحديث القطاع العام، إضافة إلى سلسلة من اللقاءات التفاعلية مع الأمناء والمدراء العامين في الوزارات والمؤسسات الحكومية؛ لمناقشة توصياتهم ومقترحاتهم لضمان انسجام المبادرات والأهداف التي يتضمنها البرنامج التنفيذي الثاني للخريطة.