يُشكّل الشباب النسبة الأكبر من المجتمعات، ويُعدّون القوة الدافعة نحو التغيير والتنمية الشاملة. إذ يتميزون بالحيوية والطموح والقدرة على الابتكار، الأمر الذي يجعلهم أحد أهم الموارد الوطنية التي لا يمكن الاستغناء عنها، ومن هنا تأتي أهمية تمكين الشباب على مختلف الأصعدة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لخلق جيل واعٍ وقادر على مواجهة تحديات العصر والمساهمة في صناعة المستقبل.
الشَّباب قوةٌ لا يُستهان بها
حيثُ يمثل الشباب العنصر الأكثر نشاطًا في المجتمع، فهم القوة المنتجة القادرة على قيادة عجلة التنمية، كما أنهم الفئة الأكثر انفتاحًا على التكنولوجيا والمعرفة الحديثة، مما يُؤهلهم للابتكار وتقديم الحلول لمشكلات مجتمعاتهم وعليه، فإن تهميش هذه الفئة أو عدم استثمار طاقاتها يؤدي إلى فقدان المجتمع لجزء أساسي من عناصر نهضته.
يُعدّ تمكين الشباب عملية شاملة تتوزع أبعادها بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فالتمكين السياسي يفتح أمامهم أبواب المشاركة في صناعة القرار عبر الحياة الحزبية والبرلمانية والمجالس المحلية، مما يُنمّي قدراتهم القيادية ويمنحهم خبرة عملية في إدارة شؤون الوطن. أما التمكين الاقتصادي فيوفر لهم الاستقلالية والاستقرار من خلال فرص العمل اللائقة، وتشجيع المشاريع الريادية، وتطوير مهاراتهم بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل ليكونوا أكثر قدرة على المنافسة محليًا ودوليًا. ولا يقلّ التمكين الاجتماعي والثقافي أهمية، إذ يوفّر بيئة داعمة تُعزز انتماء الشباب، وتُفسح المجال أمامهم لممارسة الأنشطة التطوعية والفنية والثقافية، مما يرسخ روح المسؤولية المجتمعية ويقوي نسيج الوحدة الوطنية.
جاءت الرؤية الملكية لتؤكد أن الشباب هم الركيزة الأساسية في بناء الوطن وصناعة مستقبله، فقد أولى جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني اهتمامًا خاصًا بهذه الفئة، من خلال إطلاق مبادرات وطنية وبرامج ريادية تستهدف تطوير مهاراتهم، وصقل خبراتهم، وتوفير فرص حقيقية أمامهم للمشاركة الفاعلة. وقد انعكس هذا الاهتمام على أرض الواقع، حيث أصبح الشباب شركاء أساسيين في مسيرة التنمية والإصلاح، وأثبتوا قدرتهم على تحمّل المسؤولية والمساهمة في مواجهة التحديات وصناعة التغيير، إن هذه الرؤية الحكيمة وضعت الشباب في قلب مشروع النهضة الوطنية، وجعلتهم عنصر قوة للمجتمع والدولة على حد سواء.
في الختام، أكّد "مطالقة" أنّ تمكين الشباب ضرورة مجتمعية ووطنية لضمان مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا، فالمجتمعات التي تستثمر في طاقات شبابها إنما تستثمر في مستقبلها، وتضع أساسًا راسخًا لنهضة شاملة تقوم على العلم والابتكار والعمل ومن هنا، فإن تمكين الشباب ليس مجرد شعار، بل هو مشروع وطني واستراتيجي يتطلب تكاتف الجهود الرسمية والمجتمعية لتحقيقه.