بقلم العميد الركن المتقاعد الدكتور عبدالمجيد علي الكفاوين
جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في القمة العربية والاسلامية الطارئة التي انعقدت في الدوحة ، ليضغ الأمور في نصابها الاستراتيجي ، وليؤكد أن الاعتداء الأخير على قطر ليس حادثا معزولا بل حلقة من سلسلة من السياسات الإسرائيلية العدوانية التي استهدفت غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا ، وصولا إلى تهديد دول عربية أخرى مستقلة ذات سيادة ، أكد جلالة الملك أن إسرائيل تمادت في سلوكها العدواني لأنها اعتادت أن تكون " فوق القانون الدولي " وهذا الوصف يفضح حالة العجز الدولي امام ممارسات الاحتلال ، ويبرز في الوقت ذاته خطورة التهديد الإسرائيلي الذي لم يعد محصورا بالقضية الفلسطينية ، بل بات يمس الأمن القومي العربي برمته .
وأعاد جلالة الملك في خطابه الاعتبار لمفهوم الأمن القومي العربي والإسلامي ودعا بوضوح إلى مراجعة ادوات العمل العربي والإسلامي ، والانتقال من ردود الأفعال إلى الفعل المؤسسي الموحد ، ولم يغفل جلالتة عن ربط العدوان على قطر بمأساة غزة المستمرة منذ عامين ، حيث القتل والتدمير والتجويع ، مؤكدا أن حماية الشعب الفلسطيني ومنع تهجيره والدفاع عن القدس تبقى في صميم واجبات الأمة ، وفي صلب الدور الأردني التاريخي تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية ، وقد كان أبرز ما حمله الخطاب الدعوة لاتخاذ قرارات عملية ، تتجاوز بيانات الادانة والاستنكار ، لتشمل خطوات سياسية واقتصادية وقانونية رادعة ، تجعل إسرائيل تدرك أن استباحة السيادة العربية لم تعد ممكنة ، حقيقة ان خطاب جلالة الملك لم يكن مجرد موقف تضامني عابر مع قطر ، بل كان بمثابة خارطة طريق ورؤية استراتيجية واضحة لاعادة صياغة الموقف العربي والإسلامي في مواجهة الخطر الإسرائيلي ، رؤية تضع المسؤولية على عاتق القادة للخروج من دائرة الأقوال إلى ميدان الأفعال ، وتؤكد أن مستقبل الأمة وأمنها واستقرارها مرتبط بقدرتها على بناء جبهة موحدة قوية وصلبة قادرة على ردع المعتدي ، حقيقة ان كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين تصلح أن تكون البيان الختامي لمؤتمر القمة العربي والإسلامي .