أرسل جلالة الملك عبدالله الثاني في القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة رسالة واضحة وحازمة، تعكس شخصية سياسية متزنة، وقادرة على قراءة الواقع الإقليمي بدقة وجرأة.
وقد بدأ جلالته خطابه بتقديم أحر التعازي إلى سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وإلى الشعب القطري الشقيق، في ضحايا العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر، مؤكدًا إدانته الصريحة لهذا التصعيد الخطير الذي يُعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة بأسرها.
وأكد جلالة الملك أن الأردن يقف إلى جانب قطر بكل إمكانياته، ويدعم كل خطوة تُتخذ لحماية أمنها واستقرارها، مشددًا على أن أمن قطر هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الأردني، ما يعكس عمق العلاقة بين الدولتين والرؤية الملكية المتزنة في إدارة العلاقات العربية.
في خطابه، أعاد جلالته التأكيد على أن العدوان الإسرائيلي المتكرر، سواء على قطر أو على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، ما هو إلا استمرار للانتهاكات التي تُرتكب منذ أكثر من عامين، والتي تجاوزت كل القيم والأعراف الدولية.
كما لفت جلالته إلى خطورة صمت المجتمع الدولي، الذي يمنح الحكومة الإسرائيلية المتطرفة شعورًا بأنها فوق القانون، وهو ما يتطلب من الدول العربية والإسلامية مراجعة أدوات العمل المشترك، وتوحيد المواقف في وجه هذا التهديد الذي تجاوز الحدود.
وأكد الملك ضرورة أن تخرج القمة بقرارات عملية وجريئة، تشمل وقف العدوان على غزة، ومنع التهجير القسري، وحماية القدس ومقدساتها، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
الخطاب الملكي لم يكن مجرد موقف سياسي عابر، بل كان وثيقة سياسية متكاملة، تجمع بين التحليل العميق للواقع، والرؤية الاستراتيجية طويلة الأمد، مع الحزم في اتخاذ الموقف، والحكمة في تقديم الحل.
لقد قدّم جلالة الملك عبدالله الثاني، كما اعتدنا دائمًا، نموذجًا للقيادة الواعية والراشدة، التي تنطلق من فهم عميق لمعادلات المنطقة، وتُعبّر عن ضمير الأمة، وتدعو إلى وحدة الصف والعمل العربي المشترك.
نسأل الله أن يحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني، ويمده بالحكمة والعزيمة، وأن يحمي الأردن وشعبه، ويظل صوتًا للحق، وراية للعدل، ومنارة للاستقرار والقيادة الرشيدة في منطقتنا العربية.