كنتُ فتاةً عاطلة عن العمل، أعيش بين جدران الانتظار، وأحمل في قلبي فكرة صغيرة وطموحًا لا يهدأ. لم يكن الطريق معبّدًا، ولم تُفرش لي الحياة بالسجاد الأحمر، بل كنت أخطو بين شوك الصبر، وأحمل في داخلي قنديل أمل لا ينطفئ.
من محافظة الطفيلة، الأرض الطيبة التي تُبارك الساعين، بدأت حكايتي.
لم يكن لديّ رأس مال كبير، ولا إمكانيات ضخمة، لكن كان لديّ إيمان بالله، وإصرار لا يعرف التراجع. قررت أن أبدأ، أن أحاول، أن أخرج من خانة "الباحثين عن فرصة" إلى مساحة من يصنعون الفرص.
ففتحتُ أول مشروع صغير، ثم تلاه آخر، حتى وجدتني أفتح ثلاثة عشر بيتًا جديدًا، أضيئها بالعلم والحنان، وأمنح فيها العمل والأمل لنساء وفتيات كُنّ بحاجة إلى من يؤمن بهنّ. تحولتُ من عاطلة عن العمل إلى سيدة أعمال، ومن متوقفة عن الدراسة إلى طالبة دكتوراه، تكتب بحثها بإصرار، وتبني مستقبلها بإرادة.
لم تكن الرحلة سهلة. عرفتُ الألم والانكسار، وبكيتُ في ليالٍ شعرت فيها أنني لن أقدر.
لكن الله كان سندي ووطني وكل يد دعمتني –وكل رفيقًا لم يتخلى.
لا أنسى من ربّت على كتفي في أسوأ لحظاتي، وقالت لي: "قادرة.. فقط لا تستسلمي."
اليوم، وأنا على أبواب إنهاء مرحلة الدكتوراه، أنظر إلى الوراء بفخر، لا لأنني وصلت، بل لأنني لم أستسلم. لأنني قاومت، وعملت، وسهرت، ورفضت أن أكون رقمًا في طابور الانتظار.
إن النجاح ليس صخبًا، وليس شهرةً فحسب. النجاح أن تفتح بيتًا مغلقًا، أن تمنح أملًا لمن ظنّ أن الحياة ضاقت، أن تكون شمعة في عتمة الآخرين. النجاح الحقيقي هو الأثر، هو اليد التي تمتد لترفع غيرها، هو القلب الذي ينبض بالعطاء.
رسالتي لكل فتاة تقرأ هذه السطور:
لا تستسلمي. حتى إن سقطتِ، قفي من جديد. ابدئي من فكرة صغيرة، لا تهملي حلمك، ولا تسمحي لليأس أن يسكنك. قد يكون الطريق طويلاً، لكن الخطوة الأولى تبدأ منكِ.