لقد تابع الأردنيون والعالم أجمع البيان والخطاب الأردني القوي، الذي جاء ليعبر عن ثبات الموقف الأردني إزاء القضايا العربية، وذلك من خلال ما أعلنه معالي وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن في نيويورك يوم الخميس الماضي. جاء هذا الموقف احتجاجا على العدوان الإسرائيلي السافر الذي استهدف سيادة دولة قطر الشقيقة، الوسيط مع جمهورية مصر العربية، في مساعي إنهاء الحرب على قطاع غزة وإتمام صفقة عادلة تفضي إلى الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين.
لكن، وللأسف، وأثناء اجتماع فريق المقاومة التابع لحركة حماس لمناقشة مبادرة ترامب بهذا الخصوص، تعرضت الدوحة لاعتداء همجي، حيث تم قصف مقر الاجتماع بخمس عشرة طائرة عسكرية وعدد من الصواريخ، ما أسفر عن سقوط ضحايا أبرياء ودمار في مساكن مدنية، بعيدًا عن الهدف المعلن وهو اغتيال قادة حماس.
منذ اللحظة الأولى لهذا الاعتداء الغادر، كان الموقف الأردني واضحًا وحازمًا، وجازماً إذ عبّر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، في اتصال هاتفي مع سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، عن تضامن الأردن الكامل مع قطر ودعم كافة الإجراءات التي تتخذها رداً على هذا العدوان، مؤكدًا أن أمن الأردن من أمن قطر. كما شدّد جلالته على رفضه وإدانته لهذه الجريمة النكراء، وإصرار الأردن على الوقوف إلى جانب قطر ورفض أي مساس بسيادتها.
ولم يقتصر الموقف على ذلك، بل قام سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، في اليوم ذاته، بزيارة الدوحة ولقاء سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، للتأكيد على أن الأردن، ملكًا وحكومةً وشعبًا، يقف صفًا واحدًا مع قطر، وأن أمن البلدين واحد لا يتجزأ.
وفي ختام هذا الموقف القوي والمتماسك، جاء خطاب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أمام مجلس الأمن ليؤكد بأشد العبارات رفض الأردن لهذا العدوان الغاشم، واصفًا إسرائيل بأنها دولة مارقة، كاذبة، ملطخة بدماء الأبرياء، مجبولة على التطرف والكراهية، تمارس الاعتداءات على سوريا ولبنان، وتواصل احتلال الأراضي، وتضيق الخناق على غزة بسياسة التجويع والتهجير القسري. وقد طالب الأردن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات ولجم هذا العدو قبل فوات الأوان.
إنه الموقف الأردني الثابت، القوي، والراسخ، الذي يقف مع الأشقاء العرب في كل المحن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي لم يتوانَ يومًا عن الدفاع عن قضايا الأمة بكل شجاعة واقتدار ليبقى الأردن، سرًا وعلنًا، نموذجًا للموقف العربي الأصيل، الذي ينحاز دومًا إلى قضايا الحق والعدل، ويقف سندًا قويًا لأشقائه، إيمانًا بأن أمن الأمة واحد ومصيرها مشترك.