لم تعد إسرائيل مجرد طرف في نزاع فلسطيني داخلي، بل تحولت إلى مصدر التهديد الأكبر لأمن واستقرار الشرق الأوسط بأكمله، فسياساتها العدوانية وحروبها المتكررة ضد الشعب الفلسطيني لا تبقى حبيسة الأراضي المحتلة، بل تمتد بارتداداتها إلى محيطها الإقليمي، لتجعل المنطقة كلها على صفيح ساخن.
الأخطر أن إسرائيل تجاوزت حدود الأراضي المحتلة ودول الطوق، لتعتدي بشكل صارخ على سيادة دولة قطر الشقيقة، من خلال استهداف قادة حركة حماس على أراضيها، هذا الفعل لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل رسالة تهديد مباشرة إلى كل الدول العربية والخليجية مفادها أن أي موقف داعم للحق الفلسطيني سيواجه بالتصعيد، إنه انتهاك فاضح للقانون الدولي ولسيادة دولة ذات مكانة دبلوماسية وإنسانية بارزة، ويؤكد أن إسرائيل لم تعد ترى في الأعراف الدولية أو العلاقات بين الدول أي خطوط حمراء. إن استهداف قطر ليس مجرد عدوان على دولة بعينها، بل إنذار مبكر لكل العواصم العربية بأن الاحتلال مستعد لتوسيع ساحة عدوانه لتشمل الجميع.
في لبنان تكاد الاشتباكات المتواصلة على الحدود الجنوبية تتحول إلى حرب مفتوحة، وهو ما ينذر بانهيار ما تبقى من استقرار داخلي. وفي سوريا الغارات الإسرائيلية المتكررة تنتهك السيادة الوطنية بشكل سافر وتزيد من حالة الفوضى التي تعيشها البلاد منذ سنوات، أما الأردن فإن أمنه القومي يقف دوما في مواجهة مباشرة مع تداعيات أي تصعيد إسرائيلي، خاصة مع ما يحمله ملف القدس واللاجئين من تهديد مباشر لأمنه، ومصر ليست بعيدة عن هذه المعادلة، إذ تدفع ثمن استمرار الحرب على غزة أمنيا وإنسانيا واقتصاديا عبر حدودها الشرقية.
بهذه السياسات لا تفتح إسرائيل الباب أمام أي أفق للسلام، بل تدفع المنطقة بأكملها إلى حافة الانفجار، إنها تسعى لفرض معادلة قسرية عنوانها الأمن الإسرائيلي مقابل فوضى إقليمية مستمرة، متجاهلة أن الأمن الحقيقي لا يمكن أن يقوم على القوة وحدها ولا على كسر إرادة الشعوب.
إن استمرار هذا النهج يجعل الشرق الأوسط أسيرا لدائرة عنف متصاعدة، حيث تكفي شرارة واحدة لاندلاع مواجهة شاملة تطيح باستقرار الإقليم وتهدد الأمن العالمي برمته. والحق أن الخطر الحقيقي اليوم ليس فقط في استمرار الحرب على غزة، بل في السياسة الإسرائيلية ذاتها التي تصر على أن تكون عامل التفجير الدائم في المنطقة.