يُعد الإعلامي الأردني الراحل هاشم سليمان الشيخ علي من الأصوات التي أثرت في الوعي الجماهيري عبر الإذاعة والتلفزيون، سواء في الأردن أو في الخليج العربي. بصوته الواثق، وثقافته العالية، وأسلوبه الهادئ، استطاع أن يترك بصمة واضحة في المشهد الإعلامي العربي.
ولد هاشم سليمان عام 1947، وتخرج من الثانوية العامة عام 1967. امتلك منذ شبابه شغفًا بالإعلام والثقافة، ووجّه جهوده نحو الميكروفون والكاميرا، ليصبح أحد رواد الإعلام المسموع والمرئي في العالم العربي.
بدأ هاشم سليمان مسيرته الإعلامية في الكويت، حيث التحق بإذاعة وتلفزيون الكويت في السبعينات، وبرز كمقدم برامج ثقافية ومنوعة، من أبرزها البرامج الشهيرة: "صباح الخير"، "مساء الخير"، و"هل تعلم؟".
كما عمل مذيعًا في إذاعة القرآن الكريم في الكويت منذ عام 1976 وحتى عام 1990، وقدم خلالها برامج توعوية وإيمانية بصوته الرصين.
من أبرز إنجازاته في تلك الفترة أيضًا تقديم وتنسيق برنامج "جريدة المساء" اليومي، الذي كان يُبث على شاشة التلفزيون الكويتي لعدة سنوات، وحقق صدى واسعًا لجديته وتنوع محتواه.
في عام 1990، ومع اندلاع أحداث الكويت، اضطر هاشم سليمان للعودة إلى وطنه الأم الأردن. وقد شكّل هذا التحول بداية مرحلة جديدة من التألق المهني في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية.
التحق بإذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، وعمل بها لما يزيد عن ثلاثين عامًا، مقدّمًا ومعدًا لبرامج إذاعية بارزة، ومشاركًا في قراءة نشرات الأخبار الرسمية، بصوته الذي ميّزه عن غيره من الإعلاميين.
من أبرز البرامج التي قدمها عبر الأثير: "رحلة الصباح"، "حدث الأسبوع"، و"البرامج المفتوحة" على إذاعة عمان FM
وكانت له أيضًا إسهامات بارزة في الإعلانات الإذاعية المكتوبة والمسموعة، حيث عُرف بدقته في الأداء، وحسن مخارج الحروف، والقدرة على جذب انتباه المستمع.
لم يقتصر عطاء هاشم سليمان على الإذاعة، بل كان من أوائل الإعلاميين الذين انتقلوا للعمل في القناة الفضائية الأردنية بعد تأسيسها، حيث قدّم برامج ثقافية، وشارك في قراءة النشرات الإخبارية، كما تولى تدريب مذيعين جدد داخل القناة، وأشرف على قسم التسويق الإعلامي، إلى جانب مساهمته في إعداد عدد من البرامج الثقافية والسياسية، ليصبح وجهًا مألوفًا ومؤثرًا لدى الجمهور.
تميّز هاشم سليمان بمهنيته العالية، وأسلوبه الهادئ الخالي من الاستعراض، وقد ترك أثرًا في زملائه الذين وصفوه بأنه "مُعلم في الأداء ومربٍ في السلوك الإعلامي". كان محبوبًا من جمهور واسع تنوع بين مستمعي الراديو ومتابعي التلفزيون.
في يوم 29 نوفمبر 2018، رحل الإعلامي هاشم سليمان عن عمر ناهز 71 عامًا، إثر حادث اختناق نتيجة حريق اندلع في منزله الكائن بمنطقة غمدان في العاصمة عمان. وقد نعى الوسط الإعلامي الأردني الفقيد بكثير من الأسى، مؤكدين أن الساحة الإعلامية فقدت أحد أعمدتها.
وشيّع جثمانه إلى مقبرة سحاب الإسلامية، بحضور عدد كبير من الإعلاميين وأفراد أسرته، ونعاه نجله الفنان بشار الشيخ على مواقع التواصل بكلمات مؤثرة.
يمثّل هاشم سليمان جيلًا من الإعلاميين الذين أسسوا للإعلام الأردني العصري، صوتًا وصورة، وكان نموذجًا في الالتزام والاحترافية. لا تزال برامجه ومشاركاته محفوظة في ذاكرة الأرشيف، ويتذكره طلاب الإعلام كنموذج يُحتذى به.
لقد ترك هاشم سليمان أثرًا لا يُمحى في المشهد الإعلامي الأردني والعربي، بصوته، وأدائه، وقيمه المهنية العالية.