من خلال متابعتي الحثيثة لنشاطات المركز الوطني للبحوث الزراعية بقيادة عطوفة الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد الرواشدة، أجد أن الاتفاقيات الأربع التي وقعها المركز مؤخرًا مع مؤسسات وشركات من القطاع الخاص، ليست مجرد مشاريع عابرة، بل هي جزء أصيل من رؤية التنمية المستدامة التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، والحفاظ على البيئة، والارتقاء بالمجتمع المحلي.
التنمية المستدامة تعني أن نفكر في الحاضر والمستقبل معًا؛ أن نلبي احتياجات الجيل الحالي دون أن نهدد حق الأجيال القادمة في الموارد. ومن هنا جاءت أهمية هذه الاتفاقيات، التي جمعت بين البحث العلمي والابتكار من جهة، والشراكة مع القطاع الخاص من جهة أخرى، لتصنع حلولًا عملية وقابلة للتطبيق.
فمع صندوق الحسين للإبداع والتفوق نرى دعمًا واضحًا للأفكار الريادية وتشجيع الشباب على تحويل مشاريعهم الابتكارية إلى شركات ناشئة قادرة على خدمة الزراعة والأمن الغذائي. ومع جمعية التمور الأردنية يتحقق بعد بيئي واقتصادي مهم، من خلال مكافحة الآفات وتعزيز تصنيع منتجات النخيل بما يرفع القيمة المضافة. أما التعاون مع الجمعية الأردنية لمصدري ومنتجي الخضار والفواكه فهو يفتح الباب أمام زيادة تنافسية الصادرات الأردنية وتحسين جودة الإنتاج بما يتوافق مع المعايير الدولية. وأخيرًا، مع شركة الاتحاد الزراعي يتم الانتقال إلى البحث التطبيقي المباشر عبر إجراء دراسات حقلية تعالج مشكلات قائمة مثل الآفات والأمراض التي تهدد محاصيلنا.
وبوصفي أحد أبناء القطاع الزراعي في وادي الأردن، ومتابعًا عن قرب لملف التحديات الزراعية، أستطيع أن أقول إن هذه الاتفاقيات تمثل تطبيقًا عمليًا لمفهوم التنمية المستدامة: اقتصاد زراعي قوي، بيئة صحية، ومجتمع مزارعين قادر على الصمود والاستمرار. إنها ليست مجرد إنجاز إداري، بل رؤية متكاملة تبعث الأمل بأن القطاع الزراعي الأردني يسير في الاتجاه الصحيح نحو المستقبل.