إن الموقف الأردني الثابت والمتجدد تجاه التهجير والضم (ضم الضفة لدولة الاحتلال ) أو ضم غزة له دلالات كبيرة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، القضية المحورية بالنسبة للأردن. ومن هنا جاء تأكيد جلالة الملك عبدالله الثاني على رفض التهجير خارج غزة ورفض ضم الضفة الغربية، وهو ليس مجرد موقف سياسي عابر، بل رسالة عميقة تحمل أبعادًا استراتيجية في لحظة حرجة تمر بها القضية الفلسطينية.
جاء هذا التأكيد خلال زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى دولة الإمارات ولقائه بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث شددا معًا على رفض هذه المخططات ردًا على تصريحات الاحتلال المتعلقة بضم الضفة الغربية أو تهجير الفلسطينيين قسرًا أو طوعًا.
إن هذا الموقف يعبر أولًا عن حماية الهوية الفلسطينية ورفض أي محاولة لتفريغ الأرض من أهلها، فالشعب الفلسطيني صاحب حق تاريخي على أرضه، وأي تهجير قسري يُعد جريمة بموجب القانون الدولي. كما أن رفض الضم يعيد التأكيد على بطلان سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة، فالضفة الغربية أرض محتلة لا يجوز التصرف بها إلا عبر حل سياسي عادل وشامل يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ومن منظور أردني، فإن هذا الموقف يمثل أيضًا دفاعًا عن الأمن الوطني، لأن تهجير الفلسطينيين يعني خلق واقع ديموغرافي وأمني خطير يهدد استقرار الأردن. وهو ما يعكس رفض الأردن القاطع لأي مشاريع من قبيل "الوطن البديل"، ويضع حدًا نهائيًا لمحاولات إلقاء أعباء القضية الفلسطينية على كاهل الأردن أو غيره من دول الجوار.
وعلى المستوى العربي والإسلامي، فإنها دعوة صريحة لتوحيد الموقف في مواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية. كما تحمل رسالة واضحة للشعب الفلسطيني بأنهم ليسوا وحدهم، فالأردن سيبقى السند الأقوى والأقرب إلى فلسطين، فضلًا عن الدور الهاشمي التاريخي في رعاية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية بموجب الوصاية الدينية والشرعية، ما يرسخ مكانة الأردن كحامٍ للمقدسات ورمز للموقف الصلب في وجه التهجير والضم.
إن الموقف الأردني الثابت، الذي يجدد جلالة الملك التأكيد عليه دومًا، يحمل بعض الدلالات السياسية والاستراتيجية المهمة في هذا التوقيت، ويمكن تلخيصها على النحو التالي :
1. حماية الهوية الفلسطينية: رفض أي محاولات لتصفية القضية عبر إفراغ الأرض من شعبها، والتأكيد على أن الفلسطينيين أصحاب الأرض وليسوا ضيوفًا يمكن تهجيرهم.
2. منع الحلول البديلة: رفض مشاريع "الوطن البديل" أو إعادة التوطين، وهو خط أحمر بالنسبة للأردن.
3. حماية الأمن الوطني الأردني: أي تهجير جماعي من غزة أو الضفة يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الأردن ديموغرافيًا وأمنيًا.
4. تأكيد الالتزام بالشرعية الدولية: التذكير بالقرارات الدولية التي تحظر التهجير القسري وضم الأراضي بالقوة، ما يعزز صورة الأردن كمدافع عن القانون الدولي.
5. إرسال رسالة إلى إسرائيل والمجتمع الدولي: أن الأردن لن يقبل بسياسة فرض الأمر الواقع، ولن يكون جزءًا من أي ترتيبات على حساب الشعب الفلسطيني. وسيواصل حمل راية الدفاع عن الحقوق الفلسطينية كما فعل على مدى عقود، رغم كل الضغوط، ليبقى الأقرب والأوفى في دعم الحق الفلسطيني المشروع بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية