صوت البرلمان الفرنسي، اليوم الإثنين، لصالح حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، على خلفية خطة تقشفية مثيرة للجدل تهدف إلى كبح جماح الدين العام المتضخم، ما أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية في البلاد، وأوكل إلى الرئيس إيمانويل ماكرون مهمة اختيار خامس رئيس وزراء خلال أقل من عامين.
وكان بايرو، البالغ من العمر 74 عامًا، قد تولى رئاسة الحكومة قبل تسعة أشهر فقط، في محاولة لاحتواء التحديات الاقتصادية المتصاعدة. ومع تصويت البرلمان ضده، بات عليه تقديم استقالته رسميًا، وسط مؤشرات على قلق الأسواق المالية من تداعيات الأزمة السياسية والمالية المتشابكة.
أزمة الدين العام في فرنسا
تأتي هذه التطورات في ظل ارتفاع الدين العام الفرنسي إلى مستويات قياسية بلغت نحو 113.9% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 3.3 تريليون يورو، فيما تجاوز العجز المالي حاجز 142 مليار يورو، وهو ضعف الحد الأقصى الذي حدده الاتحاد الأوروبي عند 3% من الناتج المحلي.
وقد دافع بايرو عن خطته أمام البرلمان، مؤكدًا أن "أكبر مخاطرة كانت ألّا نتخذ أي إجراء"، مشددًا على أن مستويات الدين الحالية تُشكل "خطرًا على حياة البلاد". إلا أن أحزاب المعارضة رفضت خطط الحكومة لمعالجة الأزمة، وصوتت ضد حكومة الأقلية التي يقودها بايرو.
خيارات ماكرون
برحيل بايرو، يصبح ثاني رئيس وزراء يغادر منصبه خلال عام، بعد انهيار حكومة ميشيل بارنييه في ديسمبر الماضي، ما يضع الرئيس الفرنسي أمام خيارين: إما تعيين رئيس وزراء جديد، أو حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
وتأتي هذه الأزمة في سياق سياسي مضطرب، إذ شهدت فرنسا في يونيو 2024 حل الجمعية الوطنية عقب فوز ساحق لأقصى اليمين في الانتخابات الأوروبية، بينما جاءت نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة في يوليو 2024 مخالفة لتوقعات استطلاعات الرأي، ما زاد من تعقيد المشهد السياسي.
مستقبل غامض
وفي ظل ارتفاع معدل الفائدة على ديون فرنسا إلى 4.50% لأول مرة منذ 14 عامًا، يحذر مراقبون من أن أي حكومة مقبلة ستواجه نفس التحديات الهيكلية، خاصة في ظل استمرار النفقات العامة وارتفاع تكلفة الدين.
وقال بايرو في ختام كلمته أمام النواب: "يمكنكم إسقاط الحكومة، لكن لا يمكنكم محو الواقع... المسألة حيوية، مسألة حياة أو موت لبقائنا"، في إشارة إلى ضرورة ضبط الإنفاق والحد من المديونية المفرطة.