يُعد الدكتور عبد الحميد مسلم المجالي من الشخصيات الإعلامية والأكاديمية في الأردن، حيث جمع بين العلم والإعلام في مسيرة حافلة بالعطاء، اتسمت بالمهنية والالتزام الوطني، وصناعة التأثير عبر الصوت والصورة.
ولد الدكتور عبد الحميد المجالي في عام 1950 في قرية الياروت التابعة لبلدية القصر بمحافظة الكرك جنوب الأردن. تنتمي هذه البلدة إلى إحدى المناطق ذات التاريخ العريق والمكانة الاجتماعية المتميزة في المملكة، وقد شكلت بيئته الأصلية أحد أسس تكوين شخصيته الوطنية والثقافية.
سلك المجالي مسار العلم بجد واجتهاد، حيث بدأ دراسته الجامعية في الجامعة الأردنية، وتخصص في العلوم السياسية، وحصل على ليسانس في العلوم السياسية، ويُعتقد أنه تخرج في أوائل السبعينيات من القرن الماضي.
وبعد فترة من الممارسة والعمل، واصل تحصيله العلمي في مصر، حيث نال درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، بتقدير امتياز. كانت أطروحته البحثية بعنوان:
"القدس في مفاوضات السلام العربية – الإسرائيلية"
وهي دراسة مهمة تناول فيها دور مدينة القدس في مفاوضات السلام من كامب ديفيد 1979 وحتى 2009، مما يعكس عمق اهتمامه بالقضايا الوطنية والقضية الفلسطينية بشكل خاص.
بعد حصوله على الدكتوراه، عمل كمحاضر غير متفرغ في قسم العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، مساهماً في بناء جيل جديد من الطلبة والباحثين.
انطلقت مسيرته الإعلامية في الإذاعة الأردنية، حيث شغل العديد من المناصب الإدارية والفنية التي أسهمت في تطوير العمل الإذاعي الوطني:
مدير الأخبار في الإذاعة الأردنية (1989-2000):
كان له دور محوري في تطوير النشرات الإخبارية، وتعزيز مهنية المذيعين والإعلاميين.
مساعد المدير العام ومدير الأخبار في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني (2000-2004):
توسعت مسؤولياته لتشمل الإشراف على المحتوى الإذاعي والتلفزيوني، مع التركيز على الجودة والاحترافية.
مدير إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية (2004-2007):
قاد الإذاعة في مرحلة مهمة من التطور، عمل خلالها على تحديث البرامج ورفع كفاءة الأداء.
مستشار إعلامي في رئاسة الوزراء (2007):
استُدعِي لتقديم خبرته في مجال الإعلام الوطني على مستوى السياسات الحكومية.
تميز المجالي خلال مسيرته بالإدارة الحكيمة، والرؤية الواضحة لتعزيز دور الإعلام في خدمة الوطن والمواطن، وكان نموذجا للإعلامي الوطني المحترف الذي يجمع بين الفكر السياسي والإعلامي.
كان عبد الحميد المجالي شخصية مهنية ملتزمة، تحمل قيمة الصدق والإخلاص في العمل، مع احترام عميق للزملاء والكوادر الإعلامية. تميز بالهدوء وحسن التعامل، مما جعله محبوبًا من العاملين في قطاع الإعلام.
كما عرف بقدرته على الموازنة بين الجوانب الفنية والإدارية، مما ساعد في تجاوز العديد من التحديات التي واجهت المؤسسة الإعلامية الأردنية.
في الأول من نيسان عام 2020، رحل الدكتور عبد الحميد المجالي، تاركًا خلفه سجلًا حافلًا بالعطاء والإبداع في ميادين الإعلام والتعليم، وشهادة حية على مسيرة وطنية نبيلة أخلص فيها لمهنته ووطنه.
نُعي المجالي بتقدير رسمي من وزارة الإعلام الأردنية ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون، حيث أشادوا بمسيرته المهنية الطويلة وعطائه المتواصل، واعتبروا وفاته خسارة كبيرة للمشهد الإعلامي الوطني.
الدكتور عبد الحميد مسلم المجالي هو نموذج يحتذى به في الأردن، حيث جسّد بواقعية التقاء العلم بالعمل الإعلامي والوطني، فكان مثالاً يحتذى به في المهنية والجدية وحب الوطن.
لقد ترك بصمته واضحة على مسيرة الإعلام الأردني، وعلّم الكثيرين أن النجاح الحقيقي يكمن في التزام الإنسان بمسؤولياته وإخلاصه لوطنه.