يظهر شخصٌ غير منضبط وغير مسؤول، لا يملك علماً ولا فكراً ولا تأثيراً، ويفقد مسؤولية الكلمة قبل أن يفقد مسؤولية نفسه. امتلك كاميرا ولاقط صوت، فأنشأ حسابات له في مواقع التواصل الاجتماعي، وفتح بثوثاً مباشرة يتحدث فيها في كل شيء، حتى أصابه العُجب بذاته، فاعتبر نفسه شخصية عامة وصنّف نفسه أفضل من إعلاميي الفضائيات، فخاب وخسر أمام مشاهديه القلائل.
ويظل السؤال المحيّر: هل يمكن تصنيف مثل هذا في قائمة الإعلاميين؟
كيف تصبح إعلامي بكاميرا وميكروفون؟
تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات إعلامية بامتياز، فمنذ أن أصبح لدى كل شخص كاميرا وميكروفون بات يُطلق على نفسه "إعلامياً". الأمر بات بسيطاً جداً: افتح بثاً مباشراً على إحدى المنصات الشهيرة وستجد مشاهدين حتماً، ما يجعلك في مشهد متشابه تماماً مع الإعلامي الذي يظهر على شاشة التلفاز، لكن الفارق الجوهري يكمن في المحتوى. بعض الحسابات والصفحات تحصد مشاهدات تفوق بعض المذيعين على القنوات، لأن الجمهور يتجه إلى ما يتوافق مع اهتماماته.
وتكمن المشكلة الكبرى في أن أي شخص غير مسؤول وغير منضبط يضع كاميرا أمامه ويمسك مايكروفوناً ليخاطب الناس. الإعلام مسؤولية ثقيلة لا تصلح لأي شخص، وليس هذا نوعاً من الشيفونية أو تضخيم للمهنة، وإنما لأن الإعلاميين الحقيقيين يدركون تماماً خطورة الكلمة وأهمية المسؤولية تجاه المتلقي.
وتزداد خطورة الأمر حين نرى بعض إعلاميي السوشيال ميديا غير المسؤولين وغير المتعلمين وغير المنضبطين فكرياً يُمنحون كاميرا وميكروفون، ليصبحوا شخصيات عامة ويؤثرون في الناس بلباقة ظاهرية.. وهنا تكمن الكارثة الحقيقية.