بقلم: الأستاذ الدكتور سلامة النعيمات – رئيس جامعة مؤتة
حين أطلق صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد المعظم رؤيته المتقدمة في إعادة خدمة العلم لم يكن ذلك مجرد عودة إلى برنامج سابق أو استحضار لتجربة وطنية تقليدية بل كان طرحا استشرافيا عميقا يعكس فهما حقيقيا لما يحتاجه الوطن اليوم من بناء للإنسان وترسيخ للهوية الوطنية وتنمية للانتماء والالتزام والانضباط لدى شبابنا
إننا في جامعة مؤتة إذ نثمن عاليا هذه الرؤية الملكية السامية نراها تتلاقى تماما مع رسالة مؤتة هذه الجامعة التي شيّدت على أساس وطني فريد فهي الجامعة الوحيدة التي تحمل في اسمها ذكرى معركة استثنائية في التاريخ الإسلامي والوطني: معركة مؤتة معركة الشهداء والقادة معركة المبدأ والتضحية.
ولم يكن صدفة أن تجمع جامعة مؤتة منذ تأسيسها بين الجناحين العسكري والمدني فهي مؤسسة ولدت من رحم التحدي لتكون قاعدةً لصناعة الإنسان الأردني المؤمن بوطنه الملتزم بقيمه المستعد دوما للعطاء سواء في ساحات القتال أو في ميادين العلم والمعرفة والإنتاج.
الرؤية التي طرحها سمو ولي العهد في إعادة خدمة العلم جاءت في توقيت وطني دقيق نحتاج فيه إلى إعادة بناء الجبهة الداخلية عبر أدوات عملية على رأسها الانضباط والالتزام والعمل الجماعي وكلها من القيم التي تزرع عبر برامج الخدمة الوطنية والتي نشهد أثرها العميق في مخرجات الجناح العسكري لجامعة مؤتة منذ عقود.
ومن موقعنا في هذه المؤسسة العريقة ندرك تماما أن ما طرحه سمو ولي العهد لا ينفصل عن مشروع الدولة الأردنية الحديثة تلك التي يؤمن بها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ويعمل على ترسيخها كل يوم فخدمة العلم ليست قرارا إداريا بل مشروع لبناء الذات الوطنية وهي الطريق لترسيخ قيم الانتماء الفاعل والمسؤولية المشتركة والثقة بالمؤسسات
إن جامعة مؤتة بحكم خصوصيتها تبادر اليوم لتكون في طليعة المؤسسات الوطنية التي تتبنى هذه الرؤية وتعمل على دعمها وسنسعى – كما كنا دائمًا – إلى أن نكون نموذجًا يحتذى في تطبيق مضامين خدمة العلم سواء عبر برامج التأهيل العسكري في جناحنا العسكري أو من خلال تبني مضامين الانضباط والولاء والمسؤولية في برامجنا الأكاديمية والمدنية.
فالجامعة التي تحمل اسم "مؤتة" لا يمكن أن تنفصل عن مضامين معركتها الخالدة تلك التي خاضها جعفر وزيد وعبد الله بن رواحة دفاعا عن القيم والمبادئ وطلابنا اليوم في كل الكليات، هم امتداد لتلك الروح عندما يربون على التضحية ويهذبون بالعلم ويجهزون لخدمة وطنهم في كل موقع يستدعون إليه.
ومن هذا المنطلق نعلن في جامعة مؤتة دعمنا الكامل لرؤية سمو ولي العهد ونؤمن بأن خدمة العلم هي خطوة استراتيجية نحو تعزيز الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة وهي حجر الزاوية في صناعة جيل جديد، يدرك أن المواطنة الحقيقية لا تبنى بالحقوق فقط بل بالواجبات وأن الانتماء لا يقاس بالشعارات بل بالفعل والسلوك والالتزام.
في مؤتة كما أرادها الشهداء نؤمن بأن الوطن لا يصان إلا بالرجال ولا يبنى إلا بالعلم ولا يدافع عنه إلا بالأوفياء ورؤية سمو الأمير الحسين في إعادة خدمة العلم، تعيدنا إلى هذه القاعدة، وتضيء لنا طريقا نعرفه جيدا وسنظل أوفياء له دوما.