حين يتحدث نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى"، فهو لا يبتكر شيئًا جديدًا، بل يعيد إنتاج أساطير تلمودية قديمة، يظن أنها قادرة على تغيير الجغرافيا، ومحو الحدود، وإخضاع الشعوب. لكنه يغفل حقيقة راسخة: أن بينه وبين أوهامه واديًا اسمه الأردن، وشعبًا يعرف كيف يحطم الأسطورة على صخرة الواقع.
لقد جُرِّب الأردن من قبل؛ ففي الكرامة عام 1968، كانت أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" تتصدر الخطاب الصهيوني، فجاء الرد من الجيش العربي الباسل حاسمًا ومدويًا: الغطرسة تُهزم، والعدو يتراجع، والكرامة تبقى عنوانًا للنصر الأردني والعربي.
اليوم، تتغير ملامح المعركة؛ فالعدو لم يعد يكتفي باحتلال الأرض، بل يسعى لاختراق العقول، مراهِنًا على بث رواياته المزوَّرة في أذهان الشباب، وتشويه الحقائق التاريخية. وهنا تبرز أهمية أن يكون الشباب صفَّ الدفاع الأول، مدجَّجين بالمعرفة، مُحصَّنين بالوعي، وجاهزين بدنيًا ونفسيًا لحماية وطنهم.
الإعداد الوطني والعسكري للشباب الأردني أصبح مطلبًا مهمًا ومشروع دولة متكاملًا. فالمطلوب هو تكثيف البرامج الوطنية الموجَّهة للشباب، وإعدادهم إعدادًا شاملًا يجمع بين الانضباط العسكري والقدرة الفكرية، ويغرس فيهم قيم الانتماء وروح التضحية. المدرسة، والجامعة، والإعلام، والثقافة، والقوات المسلحة… جميعها ميادين لهذا الإعداد.
الدولة الأردنية، بقيادتها الهاشمية الحكيمة، تدرك أن قوة الوطن تبدأ من شبابه. لذلك، فإن كل مؤسسة معنية مطالَبة بأن تكون جزءًا من خطة شاملة لبناء جيل قادر على مواجهة أي تهديد، وصيانة إرث الآباء والأجداد.
جيشنا العربي الباسل سيظل السيف المسلول والدرع الصلب، وأجهزتنا الأمنية ستبقى الحارس الأمين، أما الشباب الواعي المنضبط، فهو السور الذي لا يُخترق، والحصن الذي لا ينهار.
أما نتنياهو، فليتذكر أن الكرامة ليست ذكرى في كتاب، بل مبدأ في عقيدة وطن، وأن الأردن، الذي أسقط أسطورة "الجيش الذي لا يقهر"، قادر اليوم وغدًا على إسقاط أوهام "إسرائيل الكبرى"، وجعل الأساطير التلمودية حبرًا على ورق.
وليحذر الصهاينة من اختبار وطن يقوده الهاشميون، ويحرسه الجيش العربي، ويحميه شعب يعرف قدر أرضه.
هنا الأردن… وهنا تُداس ببسطار الأردني الأساطيرُ الصهيونية والتلمودية، وعلى رؤوس زعمائها الصهاينة.