وُلد تيسير رزق عبد الرحمن السبول عام 1939 في مدينة الطفيلة جنوب الأردن، في أسرة متوسطة الحال، وكان الأصغر بين تسعة أبناء. أنهى دراسته الابتدائية في بلدته، وفي عام 1951 ارتحل مع شقيقه الأكبر شوكت إلى مدينة الزرقاء، حيث أكمل دراسته الإعدادية والثانوية بتفوق، وكان من ألمع الطلبة في مدرسته.
بعد ذلك انتقل إلى عمان، وأكمل دراسته الثانوية في كلية الحسين عام 1957، وبرز بين الأوائل على مستوى محافظة العاصمة. تقديرًا لتفوقه، أُوفد في بعثة دراسية إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، لكنه لم يكمل فيها وترك البعثة ليتجه إلى دمشق لدراسة القانون، حيث تخرج عام 1962 من جامعة دمشق.
بعد تخرجه، عمل لفترة في دائرة ضريبة الدخل الأردنية، لكنه ترك الوظيفة الحكومية ليبدأ مسيرته القانونية، فتدرب في مكتب المحامي صليبا الصناع، إلا أنه قطع تدريبه وانتقل مع زوجته الدكتورة مي اليتيم إلى البحرين للعمل هناك، ثم انتقل إلى السعودية قبل أن يعود إلى الأردن عام 1964 ليكمل تدريبه القانوني. فتح مكتبًا للمحاماة في الزرقاء لكنه أغلقه فيما بعد.
في عام 1965، التحق تيسير السبول بالإذاعة الأردنية، حيث بدأ يقدم برنامجه الشهير "مع الجيل الجديد"، الذي كان منصة ثقافية مهمة لاستضافة الأدباء والكتاب الأردنيين والعرب، وفتح من خلاله أفقًا جديدًا للمواهب الشابة.
كانت إذاعته وسيلته لنقل الأدب والثقافة إلى الجمهور، وجعل من صوته صوتًا فاعلًا في الساحة الثقافية الأردنية.
تيسير السبول لم يكن مجرد إعلامي بل كان شاعرًا وكاتبًا وروائيًا مبدعًا، كتب في عدة مجالات أدبية:
الشعر: من أبرز أعماله ديوانه الشعري "أحزان صحراوية" الذي يحتوي على مجموعة من قصائده التي تعكس همومه الوطنية والإنسانية. ومن أبياته المعروفة:
"الهندي الأحمر"
"صياح الديك"
الرواية: تعتبر روايته "أنت منذ اليوم" من أبرز أعماله الأدبية، وهي رواية معاصرة تتميز بأسلوب سردي حديث يُعرف بـ"السرد عن السرد"، واعتُبرت عمودًا من أعمدة الرواية العربية الحداثية.
القصّة القصيرة والتمثيلية المصورة: ساهم في إثراء الساحة الأدبية بالعديد من القصص القصيرة والتمثيليات الإذاعية المصورة التي لاقت استحسانًا كبيرًا.
النقد والمقالة الصحفية: كتب عددًا من المقالات النقدية التي تناولت قضايا أدبية وفكرية، إضافة إلى مخطوط فكري عن العروبة والإسلام لم يُنشر.
في عام 1973، وبعد فترة من خيبة الأمل العميقة التي أصابته بسبب الأوضاع السياسية والقومية في الوطن العربي، لا سيما تداعيات نكسة 1967 وحرب أكتوبر 1973، أقدم تيسير السبول على الانتحار في منزله بمنطقة ماركا في الأردن.
كان هذا القرار مأساويًا، إذ سقط مضرجًا بدمه في منزله، وكانت وفاته صدمة كبيرة للوسط الثقافي الأردني والعربي. يُعتقد أن تأثير الهزائم السياسية التي عصفت بالحلم القومي العربي كان له أثر نفسي بالغ على السبول، دفعه لاتخاذ هذه الخطوة الحزينة.
رغم رحيله المبكر، أصبح السبول واحدًا من أعمدة المشهد الثقافي الأردني المعاصر، واسمًا كبيرًا احتفى به الوسط الثقافي العربي. كان صوته وكتاباته منبرًا للحرية والبحث عن الهوية والإنسانية، وشكل رافدًا مهمًا في الأدب الحداثي في الوطن العربي.
رحل تيسير السبول جسديًا مبكرًا، لكنه ترك خلفه إرثًا من الشعر والرواية والإعلام والإبداع الفكري، أثرى به الثقافة الأردنية والعربية، وظل اسمه خالدًا بين كبار الأدباء والكتاب. كان نموذجًا للفنان الذي يعاني من خيبات الحلم لكنه يستمر في الصراخ عبر الكلمات، متحديًا الزمن ليبقى صوتًا لا يُنسى.