أنس الشريف… اسمٌ صار مرادفًا للصدق والشجاعة. كان المايك بين يديه كأمانة لا تُترك، وكعهد لا يُنكث. ظلّ ممسكًا به حتى اللحظة الأخيرة، لأن التغطية كانت ما تزال مستمرة، ولأن الحقيقة لم تمت، ولأن الدم الذي يسيل في غزة لا يعرف الصمت.
لم يكن أنس ينقل الخبر من خلف جدران آمنة، بل كان يقف في قلب الخطر، بين ركام البيوت وصوت القصف، يواجه الموت بابتسامة وإصرار. كان يؤمن أن الكلمة سلاح، وأن الصورة شهادة، وأن صوت الميدان أقوى من كل محاولات الطمس والنسيان.
اليوم، رحل أنس إلى حيث يسكن الشهداء والأنقياء، ليحمل إليهم رسائل غزة: أن النزيف ما زال مستمرًا، وأن الشعب ما زال صامدًا، وأن الأطفال الذين ارتقوا قبله لن تُمحى أسماؤهم من ذاكرة الأجيال. سيخبرهم أن الصمت العربي والخذلان يوماً سيُدفع ثمنه.
أنس الشريف… الصحفي الذي له من اسمه نصيب، فقد كان أنسًا لروح غزة في أحلك ساعاتها، وكان شريفًا في كل كلمة نطق بها. رحل الجسد، لكن الصوت باقٍ، والصورة باقية، والحقيقة التي عاش ومات من أجلها لن تموت. الف رحمة عليك وعلى رملائك الطاهرين