من قلب الأردن النابض بالحياة، من جباله الشامخة التي تحكي قصص الأجداد، ومن سهوله الخضراء التي تحتضن سنابلنا الذهبية، ومن باديته الصامدة التي تحفظ صهيل فرسانه، ومن كل بيت يرفرف عليه علم الوطن، ومن كل قلب ينبض بحب الأردن، نكتب إليك يا أبا الحسين رسالة وفاء لا تنكسر، وعهد لا يتبدل، وحب لا يذبل.
هذه ليست مجرد كلمات، بل نبضات من صدور شباب أحبوا قائدهم كما أحبوا وطنهم، ووضعوا صورته في عيونهم قبل أن يضعوها على جدران بيوتهم. هذه رسالة جيل تعلّم منك أن القيادة أمانة، وأن المحبة فعل، وأن الانتماء ليس شعارًا نردده، بل حياة نعيشها.
لم نحبك لأنك ملك فقط، بل لأنك كنت بيننا في كل لحظة؛ رأيناك تمشي في شوارع المدن والقرى دون حواجز، تجلس مع الناس على مقاعدهم البسيطة، تشرب قهوتهم وتسمع قصصهم. رأيناك حين كان الوطن بحاجة إلى من يقوده بثبات، وحين كان الصوت العربي بحاجة إلى من يرفعه في المحافل الدولية، فكنت أنت ذلك الصوت، وذلك الحضور، وتلك الراية.
في ساعات الفجر الأولى، كنا نراك بين جنودك على الثغور، تتفقدهم وتطمئن عليهم وكأن كل واحد منهم ابنك. وفي أيام الأزمات، كنت أول من يمد يده للعون، لا تسأل عن اسم أو لقب، بل عن حاجة الإنسان. وفي ساحات العمل الوطني، كنت القدوة في الانضباط والاجتهاد، وفي الكلمة الصادقة التي تبني ولا تهدم.
نحن جيل الشباب الذي قلت عنه إنه طاقة لا تنضب، نقف اليوم لنؤكد أننا سنكون تلك الطاقة التي تدفع الأردن إلى الأمام، سنحمل رايتك، ونبني وطنك، ونزرع على أرضه الأمل كما زرعته في قلوبنا.
يا أبا الحسين، إذا كان الوطن قلبًا فأنت نبضه، وإذا كان الوطن راية فأنت من يحميها، وإذا كان الوطن قصة فأنت أجمل فصولها، وإذا كان الوطن أرضًا فأنت من يزرع فيها الأمل.
علّمتنا أن الوطن لا يعرف المستحيل، وأن العزيمة أقوى من كل التحديات. وكلما عصفت بنا الرياح، كنت أنت الصخرة التي لا تهتز. نرى فيك صورة الحزم والشجاعة، ونسمع منك صوت الأمل. وفي المحافل الدولية، كنت الصوت الثابت المدافع عن قضايا الأمة، عن فلسطين والقدس، عن كرامة كل عربي.
أنت امتداد لسلسلة من القادة الهاشميين الذين حملوا الأمانة جيلًا بعد جيل، ورسموا للأردن مكانته بين الأمم. نعرف أن الراية التي تحملها اليوم لم تصل إليك إلا عبر تاريخ طويل من التضحية، وأنك كما حافظت عليها، ستسلّمها يومًا ما بيضاء خفاقة للأجيال القادمة.
واليوم، من الشمال إلى الجنوب، ومن البادية إلى الريف، ومن المخيم إلى المدينة، نقف جميعًا: شبابًا وشابات، طلابًا وعمالًا، جنودًا ومزارعين، أطباء ومهندسين، لنعلنها بصوت واحد يعلو فوق كل الأصوات: عاهدنا الله على حبك وسنمضي في دربك ما دام فينا نبض.
هذا عهدٌ لا يُكسر، وحبٌ لا ينطفئ، ووفاءٌ لا يضعف؛ عهد أن نبقى على الطريق، وأن نصون الأرض والعرض، وأن نحمل اسم الأردن كما نحمله في قلوبنا. وسنظل نقولها كل يوم، مع كل شروق شمس، ومع كل رفّة راية: نحن معك يا أبا الحسين، على العهد باقون، وللأردن مخلصون، ولفلسطين مدافعون، وللهاشميين أوفياء.
ونعاهدك أن نبقى كما أردتنا: نرفع الجبين عاليًا، ونزرع الخير في أرضنا، ونكتب التاريخ بأيدينا، ونحفظ الأردن في قلوبنا.
عاهدنا الله على حبك وسنمضي في دربك ما دام فينا نبض، من جيل الشباب الذي يفتخر أنك قائده، إلى قائد الوطن وملهم مسيرته، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.