في قلب الشرق الأوسط، حيث تداخلت المأساة مع البطولة، يقف العراق شاهداً حياً على واحدة من أعظم معارك العصر ضد الإرهاب. لقد دفع هذا البلد ثمنًا باهظًا دفاعًا عن الإنسانية جمعاء، حين تصدّى لتنظيمات متطرفة هددت الحضارة والقيم الإنسانية، فكان الساتر الأول والأخير الذي امتصّ الصدمة نيابة عن العالم.
اليوم، يقود العراق بقيادة دولة رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، وبجهود مستشار الأمن القومي السيد قاسم الأعرجي، وبدور محوري لمركز التميز بقيادة الأستاذ سعيد الجياشي، معركة إنسانية لا تقلّ شرفًا عن معركة السلاح… إنها معركة إعادة الحياة والأمل لضحايا الإرهاب، وفي مقدمتهم العوائل العراقية العائدة من مخيم الهول، ذلك المخيم الذي تحوّل إلى رمز لمعاناة الأبرياء تحت وطأة التطرف.
ما يجري ليس مجرد جهود حكومية روتينية، بل هو مشروع وطني–إنساني متكامل؛ مشروع لإعادة دمج العوائل في النسيج الاجتماعي، وتأهيلهم نفسيًا ومجتمعيًا، ومعالجة أوضاعهم القانونية والإدارية، بمشاركة مؤسسات الدولة كافة، وبدعم من منظمات دولية كبرى. هذه الجهود تمثل درعًا إضافيًا لحماية الأمن القومي، وتحصين المجتمع من أي تهديدات مستقبلية، وترسيخ الاستقرار الاجتماعي.
إن حجم التضحيات التي قدّمها العراق في مواجهة الإرهاب، وحجم العمل الجاري اليوم في ملف مخيم الهول، يستحقان أن يُوثقا للأجيال، وأن يُرويا للعالم بلغات الفن والصورة، لا بلغة الأرقام الجافة وحدها. من هنا تأتي الدعوة المخلصة لإنتاج فيلم وثائقي ومسلسل درامي يوثقان هذه التجربة الإنسانية والأمنية الفريدة، لتكون رسالة خالدة للعالم، تروي كيف قاتل العراق نيابة عن الجميع، وكيف حوّل الألم إلى أمل.
إننا، كمراقبين دوليين، نرى أن هذه القصة ليست ملك العراق وحده، بل ملك للإنسانية كلها. وما لم تُحفظ هذه الشهادات بالصوت والصورة، فإننا نخاطر بأن يضيع جزء من الحقيقة وسط ضجيج الأخبار العابرة.