2025-08-10 - الأحد
التعليم العالي تعلن ترتيبات قبول الطلبة الأردنيين المصابين بمرض السرطان nayrouz الدوريات الخارجية..اغلاق الطريق الصحراوي بالاتجاهين nayrouz مارتينيز مدافع النصر الجديد: أتيت لتحقيق البطولات والإنجازات....فيديو nayrouz موجات غبارية كثيفة تتسبب في تدنٍّ كبير بمدى الرؤية بعدة مناطق بالأردن nayrouz عبدالله الريالات يهنئ ابنته ملك بنجاحها في الثانوية العامة nayrouz مخيم الهول… فصل يستحق التوثيق في ملحمة العراق لحماية العالم من الإرهاب nayrouz في عيد ميلاده.. علي الكشوطى أيقونة النقد الفني يحتفي بمحبة الوسط الإعلامي والفني nayrouz الأمن العام يحذّر من تدني مدى الرؤية الأفقية بسبب الغبار في المناطق الشرقية والجنوبية والوسطى nayrouz السد يتوج بكأس الأحرار بتفوقه على الوداد المغربي بركلات الترجيح nayrouz نائب الرئيس الأمريكي: اتصالات لتحديد موعد لقاء بوتين وزيلينسكي nayrouz برعاية النائب فليحه الخضير.. اتحاد الكتاب يكرّم إعلاميين وناشطين اجتماعيين nayrouz ملعب أتلتيكو يستضيف نهائي دوري أبطال أوروبا 2027 nayrouz بعد تعاقد سان جيرمان مع الحارس شوفالييه.. هل ينتقل «دوناروما» للاتحاد السعودي؟ nayrouz وزير الخارجية الإيراني : نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن يزور المنشآت النووية, nayrouz مصر.... زلزال بقوة 6.2 ريختر شمال مرسى مطروح nayrouz مندوب فلسطين يطالب مجلس الأمن بتنفيذ إعلان نيويورك ووقف حرب غزة nayrouz ميلان يقوم بجولة ميركاتو في إنكلترا nayrouz باريس سان جيرمان يدخل في مفاوضات اولية لضم رودريغو nayrouz وزارة الصحة: الإصابة بالإجهاد الحراري وضربات الشمس قد تؤدي إلى الوفاة nayrouz إصابة اندريك تحرمه من بداية موسم ريال مدريد nayrouz
وفيات الأردن اليوم الأحد 10 آب 2025 nayrouz وفاة الحاج متعب بركات المصطفى العقايلة بني حمد "ابو الرائد" nayrouz وفاة الفنان الكويتي محمد المنيع عن عمر ناهز الـ95 عاماً nayrouz وفيات الأردن اليوم السبت 9-8-2025 nayrouz راكان سليم ارشيد الفايز " ابو محمد" في ذمة الله nayrouz الحاج عبدالله حتمل الجازي في ذمة الله nayrouz الحاجة انتصار حسونه" ام شعبان " في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن ليوم الجمعة 8 آب 2025: قائمة الأسماء nayrouz رحيل موجع في الكرك.. محمد أبو شرار ضحية رصاصة غدر nayrouz وفاة الشابة غالية زيد عقاب الترتوري nayrouz وفاة الحاجة بدريه العمري ارملة المرحوم الحاج عبيد الدويلان الجبور nayrouz وفاة الشيخ دخيل بن غرم الله الميموني nayrouz القاضي المتقاعد خالد محمد فلاح العضايلة في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن ليوم الخميس 7 آب 2025 nayrouz وفاة العقيد حسام ارشيدات بعد غيبوبة دامت 10 أشهر إثر حادث سير مؤسف nayrouz الحاج سعود خالد اسمر الفايز في ذمة الله nayrouz الحاجة حمده متروك السالم الخضير "ام عبدالعزيز" في ذمة الله nayrouz ابو الفيلات يعزي مدير المخابرات بوفاة شقيقته nayrouz وفاة الشاب بدر عبدالقادر الهقيش اثر حادث سير مؤسف nayrouz وفاة الجوهرة بنت عساف العساف nayrouz

بين الصمت والكلمة

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

 بقلم الدكتور خالد السلامي 



يُقال إن للكلمة نورًا يكشف خبايا القلوب، ولكن للصمت أيضًا لغةً خفيةً تُفصحُ عمّا تعجزُ عنه الكلمات. في مساحة التفاعل المتوتّرة بين الصمت والكلمة يتأرجح الفكر والوجدان، باحثَيْن عن الحقيقة والمعنى. وبين هدوء الصمت وسحر الكلام رحلةٌ تتخلّلها حكمةُ الحكماء وأبياتُ الشعراء وهمساتُ الروح. فأين تنتهي حدود الصمت، وأين تبدأ سلطة الكلمة؟
بلاغة الصمت وفلسفته
للصمت بلاغة لا يدركها إلا من تأمّل لحظات الهدوء العميق. كثيرًا ما يكون الصمتُ في ذاته كلامًا، لكنه كلامٌ بين السطور الخفيّة. يقول أحد الأمثال العربية إن "في كثرةِ الصمتِ تكونُ الهيبة”، ففي الصمت وقارٌ يكسو صاحبه بهالةٍ من الاحترام. ولعلهم شبّهوا الكلام بالفضة والصمت بالذهب حين قالوا: "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، في إشارة إلى قيمة الصمت حين يفوقُ الكلامَ فائدةً وحكمةً. وقد عبّر الإمام علي بن أبي طالب عن هذه المفاضلة شعرًا:
إن كان منطِقُ ناطقٍ من فضةٍ
فالصمتُ دُرٌّ زانَه الياقوتُ
في هذين البيتين تصويرٌ بليغٌ لحقيقةٍ يدركها العقلاء: بريق الكلام مهما لمع قد يخبو أمام لمعان الصمت حين يكون في محله. فكثير من الحكماء عبروا عن فضل الصمت ولزومه. يُروى عن بعضهم قوله: "ما أكثرَ من ندم على ما قال، وأقلَّ من ندم على ما سكت”. وكأنما جُعل للإنسان أذنان وفمٌ واحدٌ ليصغي أكثر مما يتكلم؛ فالكلمة متى نُطقت أصبحت تملك صاحبها وتأسره، أما إن ظلَّت حبيسة صدره فهو مالك زمامها وقادر على التحكّم بها. من أجل ذلك قيل أيضًا: "الصمت ليس فارغًا، الصمت مليءٌ بالأجوبة”؛ فسكوت المرء قد يكون حافلًا بالمعاني والحلول حتى وإن بدا ظاهره صمتًا.
تتجلى لغة الصمت في مواقف شتّى: تأمّل مثلًا أمًّا تحدّق في طفلها النائم بصمتٍ يفيض حبًا وامتنانًا، أو صديقين يجلسان بهدوء تحت سماء الليل كلٌّ منهما يفهم الآخر بلا حاجةٍ إلى حديث. في مثل هذه اللحظات قد يصدق المثل القائل إن الصمت أبلغ من الكلام؛ حين تعجز الشفاه وتتكلم العيون والقلوب. وليس الصمت حكمةً في أوقات السكينة فحسب، بل قد يكون ملاذًا أيضًا عند فورة المشاعر. فكم من مرة عجزت الكلمات عن مواساة قلبٍ مثقلٍ بالألم، وكان الصمتُ وحده القادر على ذلك؛ وكم من إنسانٍ آثر الصمت على البوح بما في داخله، إما لأن عمق الشعور أكبر من أن يُقال، أو لأن الكلمة قد تبدو سطحية أمام فيضان الوجدان. هكذا يصبح الصمت في جانبٍ منه صوتًا للمشاعر حين يخونها التعبير.
سحر الكلمة ومسؤوليتها
على الجانب الآخر، لا شك أن للكلمة سلطانًا عظيمًا لا يقل أثرًا عن الصمت. فالكلمة بصيص نورٍ يبدّد ظلام الصمت حين ينطق الإنسان بما في خاطره. بالكلمات نعبر عمّا يجول في الفكر، وبها نتواصل ونواسي وننصح. لقد خُصَّ الإنسان بمنحة النطق فتميّز بها عن غيره، وجعلت منه قادرًا على التعليم والتأثير. فكلمة صادقة قد تبني جسورًا بين القلوب، وتداوي جرحًا غائرًا، وتنشر حقًا أو علمًا ينتفع به الناس. وكيف لا، وقد خُصّت أعظم الرسالات السماوية بكلمة تنزلت فرقانًا وبيانًا لإخراج الناس من الظلمات إلى النور. إن للكلمات سحرًا حقيقيًا؛ فهي القادرة على إحياء الأمل في نفسٍ يائسة، والقادرة على إشعال الحماس في روح خامدة، بل وقادرة على تغيير مسار الأمم بأسرها عندما تُحمل لواءَ حقٍ وعدل.
بيد أن هذه القوة نفسها تجعل الكلمة سلاحًا ذا حدَّين. فإن كانت كلمة طيبة كالشجرة المثمرة تؤتي أُكلها كل حين، فالكلمة الخبيثة كالنار في الهشيم تحرق وتدمّر في لحظة. لسان الإنسان سيفٌ قاطع؛ إن صانه المرء صانه كما تقول الحكمة: "لسانك حصانك إن صُنتَه صانك وإن خُنتَه خانك”. فكثيرًا ما جرحت كلمةٌ جارحة قلبًا أقربَ من حبل الوريد، وأشعلت لفظةٌ طائشة نارَ فتنةٍ وعداوة. وقد تناقل الشعراء قديمًا حكمةً مؤداها أن جراح اللسان أشدُّ إيلامًا وبقاءً من جراح السنان. يقول يعقوب الحمدوني في بيت بليغ:
وَجُرحُ السيفِ تُدْمِلُهُ فيَبْرَأُ
ولا يَلْتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
جراحاتُ الطِّعانِ لها التئامٌ
ولا يَلْتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
إن الكلمات التي نطلقها لا يمكن استعادتها أو محوُ أثرها بسهولة؛ لذا تستوجب منّا مسؤوليةً كبرى في استعمالها. فكلمة الحق قد ترفع صاحبها إلى مراتب النبل والشجاعة، بينما كلمة الباطل قد تهوي به في دركات الندم. وكما قيل قديمًا: "مقتلُ الرجل بين فكَّيه!” في إشارة إلى أن اللسان قد يكون سبب هلاك صاحبه إن لم يُحسن استخدامه. وقد اجتمع عقلاء الملوك على كلمات خالدة تتصل بهذا المعنى، فروي أن كسرى قال: "أنا على ردِّ ما لم أقل أقدرُ مني على ردِّ ما قلت”، وقال ملكُ الهند: "إذا تكلَّمتَ بالكلمة ملكَتكَ، وإن لم تتكلّم بها ملكتَها”، وقال قيصر: "ما ندمتُ على سكوتٍ قطّ، ولقد ندمتُ على الكلام مرارًا”، وفي هذا تلخيصٌ لتجارب إنسانية أدركت قيمة تحكيم العقل قبل إطلاق العنان للسان. من أجل ذلك كان السكوت في كثير من الأحيان خيرًا من كلامٍ بلا فائدة، وكان الكلام في مواضع أخرى خيرًا من صمتٍ جبان.
بين الصمت والكلام: توازن الحكمة
ليس الصمت فضيلةً في كل حين، ولا الكلمة رذيلةً في كل مقام. التحدي الإنساني يكمن في معرفة متى يكون الصمتُ حكمةً ومتى تكون الكلمةُ ضرورةً. وقد لخّص أحد الحكماء هذا التوازن بقوله: "لا تتكلم إذا وجب عليك السكوت، ولا تسكت إذا وجب عليك الكلام”. فهناك مواقف يصير فيها السكوتُ من ذهب حين يكون الكلام شرًا أو لغوًا لا طائل منه، وهناك أوقات يصبح فيها الكلامُ من ذهب حين يكون قولُ الحق لازمًا وإسكات صوت الظلم واجبًا. نجد في تراثنا قاعدةً نبوية ذهبية ترسم هذا الميزان بدقّة، إذ قال رسول الله محمد ﷺ: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت”. هذه الكلمات النبوية تجمع جوهر الحكمة كلها في اختيار التوقيت المناسب للكلام: فإن لم تكن الكلمة خيرًا يُنتفع به، فالصمتُ أولى وأحفظُ للسان والوجدان.
إن التفاعل بين الصمت والكلام معادلة دقيقة تتطلّب فهمًا عميقًا للسياق وللنفس معًا. فالصمت في موضعه قد يكون أبلغ ردٍ وأقوى موقف. يقولون: "هناك أسئلة لا يجاب عنها إلا بالسكوت”، إذ قد يكون الصمت في بعض المواقف أبلغ تعبير عن الاستياء أو الحكمة أو حتى الحب حين تعجز الكلمات. وفي المقابل، الكلمة في موضعها سيفٌ للعدل وبلسمٌ للروح. كم من صمتٍ طال تفسيره رضًا وهو في حقيقته ألمٌ مكتوم؛ وكم من كلامٍ ظُنّ هجومًا وهو في جوهره صرخة استغاثة. الصمت قد يُفسَّر أحيانًا بالرضا كما تقول الحكمة "السكوت علامة الرضا”، لكن ليس كل سكوت رضا بالضرورة؛ فقد يصمت المرء قهرًا أو خجلًا أو خوفًا. والكلام قد يبدو شجاعة، لكنه أحيانًا تهوّرٌ يندم عليه صاحبه. من أجل ذلك كله، يظلّ الإنسان بين صمته وكلامه معلقًا بحبلٍ من التأرجح المستمر، لا يملك سوى الحكمة والبصيرة ليرشداه في الاختيار.
قد يكون الصمت في حضرة الجمال خشوعًا وفي حضرة الألم دموعًا، وقد تكون الكلمة في وجه الظلم سيفًا وفي لحظة الحيرة نورًا. إننا نتعلم في مدرسة الحياة أنّ لكل مقامٍ مقالًا، ولكل سكوتٍ معنى. وبين همس الصمت وصخب الكلمات تتشكل إنسانيتنا وتُختبر حكمتنا. فأحيانًا نجد في الصمت سلامًا لعقولنا وضجيجًا لعواطفنا، وأحيانًا نجد في الكلام تنفيسًا عن مكنونات صدورنا وتواصلًا مع من حولنا. وبين هذا وذاك، تتراقص قلوبنا على إيقاع التردد: أَننطق فنبوح، أم نصمت فنحفظ ما في القلب؟
وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: أيهما أبلغ في التعبير، صمتٌ عميق أم كلمة صادقة؟ هل نملك دائمًا حكمة الاختيار بينهما، أم أننا سنظل نتأرجح على حبال التردد بين سكون الروح وضجيج اللسان، نترقب الجواب في ذلك الفراغ المضيء بين الصمت والكلمة؟