في ظل عالم مضطرب بالصراعات والتحولات السياسية المتسارعة، بات استقرار القيادة أحد أعمدة بقاء الدول ونهضتها. القيادة ليست مجرد إدارة سياسية، بل هي روح الوطن وعقله المفكر وراعي أمنه الاجتماعي والسياسي. وعندما تكون القيادة متزنة، ذات رؤية واضحة، وتملك الشرعية الشعبية والتاريخية، فإن الوطن بأكمله يسير بخطى ثابتة نحو التنمية والاستقرار. من هنا، تبرز أهمية الحديث عن التجربة الأردنية كنموذج فريد في محيط ملتهب مليء بالتحديات.
لقد استطاع الأردن، بقيادته الهاشمية، أن يقدم للعالم أنموذجًا راسخًا في الثبات السياسي والاجتماعي، على الرغم من محدودية الإمكانيات و قلة الموارد وتعدد التحديات. فمنذ تأسيس الدولة، قامت العلاقة بين القيادة والشعب على الثقة والولاء المتبادل، مما جعل الشارع الأردني أكثر وعيًا وصلابة في وجه الأزمات. لم تكن هذه العلاقة مجرد خطاب إعلامي، بل ممارسة يومية تجلّت في المواقف، والتحركات، والاستجابات السريعة لاحتياجات الناس وتطلعاتهم.
وفي عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه ، تعزز هذا النهج بشكل واضح، حيث وُضعت مصلحة المواطن الأردني في صدارة الأولويات، وتم التعامل مع مختلف التحديات – سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو صحية – بحكمة وشفافية. كما ظهر دور المؤسسات الوطنية متكاملاً مع القيادة، لا كمجرد أجهزة تنفيذية، بل كأذرع لحماية الوطن وخدمة المواطن. وهذا التوازن بين الحزم في القرار ، والرعاية الاجتماعية خلق حالة نادرة من الاستقرار الإقليمي.
استقرار القيادة الأردنية لم يكن مكسبًا داخليًا فحسب، بل أصبح مصدر احترام وتقدير إقليمي ودولي، انعكس على علاقات الأردن مع مختلف دول العالم. لقد بات يُنظر إلى الأردن بوصفه صوت العقل والاعتدال في المنطقة، وملاذًا للباحثين عن الأمن والاستقرار. وهذا لم يكن ليتحقق لولا قاعدة راسخة من الحكم الرشيد والشرعية التي تنبع من تاريخ هاشمي عريق مرتبط برسالة الأمة وهوية الشعب.
وفي النهاية، يبقى استقرار القيادة هو الركيزة الأساسية لبناء الأوطان وصيانة المجتمعات. وإذا أردنا أن نفهم كيف يُصنع الاستقرار الحقيقي، فلننظر إلى الأردن، حيث تلاقت الحكمة الهاشمية مع الوعي الشعبي، فتشكل نموذج يحتذى به في عالم يعاني من الفوضى الفكرية . فحين تستقر القيادة، يطمئن الوطن، ويشعر الشعب بالأمان.
اللواء الركن "م " الدكتور مفلح الزيدانين
متخصص في التخطيط الاستراتيجي وهندسة الموارد البشرية